ثورة سلمية

لم تمنع عمليات الانتشار الأمني الكثيف، واستمرار ضخامة الحواجز العسكرية في المدن والبلدات السورية، وعدم سحب الجيش والأسلحة الثقيلة لإعادتها إلى ثكناتها، أمس، عشرات آلاف من المتظاهرين السوريين المناهضين لنظام الرئيس بشار الأسد من الخروج إلى الشوارع في جمعة جديدة، كان شعارُها "ثورة لكل السوريين".

إن اليوم الثاني من سريان تطبيق خطة كوفي عنان، يكشف بجلاء أن نظام بشار الأسد لا يزال يواصل خرق البند الأول الذي ينص على وقف العنف وسحب الجيش والأسلحة من المدن، ناهيك عن بقية البنود. فقد دوّى صوت الرصاص في أكثر من منطقة، وأسفر ذلك عن سقوط قتلى وجرحى، وحاصرت قوات الأمن والجيش التي انتشرت بكثافة بكل آلياتها في المدن والبلدات والمساجد، وقمعت السكان والمصلين في محاولة لمنعهم من التظاهر. أما فيما يتعلق بالبنود الأخرى، فان التزام دمشق لا يزال صفراً كبيراً، حيث ترتفع النداءات والمناشدات الموجهة للنظام بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية ووسائل الإعلام إلى سوريا، والإفراج عن المعتقلين على خلفية الأحداث، والسماح بالتظاهر السلمي.

المهم أنه ورغم عدم التزام النظام السوري ببنود خطة المبعوث الدولي والعربي المشترك كوفي عنان كاملة، واستمرار سقوط قتلى بإطلاق النار على المعارضين، فإن تزايد عدد السوريين المشاركين في المظاهرات المطالبة بالتغيير وإسقاط نظام البعث الحاكم، تبعث نوعاً من الأمل في رجوع الثورة السورية إلى طريقها الأول وهو طريق الانتفاضة "السلمية" للتعبير عن رغبة الشعب في التغيير، بعد أن أجبر بعض المعارضين في الأشهر الأخيرة على حمل السلاح دفاعاً عن النفس في مواجهة آلة القمع الدموي والتقتيل، إثر الحملة العسكرية واسعة النطاق التي شنها النظام بدباباته وأسلحته الثقيلة على البلدات الثائرة.

إن التحركات السياسية النشطة التي جرت على الصعيدين الإقليمي والدولي يوم أمس، خصوصاً المحادثات التي أجراها معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية مع كل من كوفي عنان ونبيل العربي أمين عام الجامعة العربية، وأحمد داود أوغلو وزيرالخارجية التركي، والقمة السعودية ـ التركية التي استضافتها الرياض أمس، فضلاً عن المباحثات التي تدور على الساحة الدولية، سواء في نيويورك أو في بقية العواصم الكبرى، ينبغي أن تعمل كلها في اتجاه واحد.. وهو الضغط على النظام السوري لوقف سياسة "المراوغة"، وإرغامه على الوفاء بتعهداته التي قطعها أمام المجتمع الدولي.
 

الأكثر مشاركة