العراق و"المستنقع" الجديد

خلال سنوات الاحتلال الأمريكي، عاش العراق أسوأ أيامه الطائفية، وكانت كل التحذيرات العربية؛ منها والدولية آنذاك تصب في خانة التحذير من السقوط في مستنقع الدم الطائفي، ووحل الحرب الأهلية، واليوم تتجدد هذه المخاوف، ولكن بشكل وأسلوب مختلفين، ففيما كان الصراع صراع مكاسب ومحاصصات، أصبح اليوم صراع وجود واستحقاقات.

فالعراق منذ أن خرج من سلطة الاحتلال لم يخطُ خطوة جادة وحقيقية نحو المصالحة والتنمية والديمقراطية، بقدر ما بقي دائراً في مربع الانسداد السياسي والاحتقان الطائفي والاستبداد الفئوي، لدرجة بلغت ذروتها بالتزامن مع هبوب رياح الربيع العربي، وهي الرياح التي كنا نتوقع هبوبها من العراق بدل أن يَضيق بها ذرعاً، ويرفض، حتى ولو، بمرورها مرور الكرام.

 بالأمس قتل 43 عراقياً وأصيب 57 بجروح في انفجار عبوتين ناسفتين استهدفتا مصلين قرب مسجد سني وسط بعقوبة، فيما قتل ثمانية آخرون وأصيب 25 بجروح في هجوم استهدف مشيعين سنة في المدائن، وقتل 14 شخصاً على الأقل وأصيب 35 بجروح في انفجار عبوتين ناسفتين في منطقة تسكنها غالبية سنية في منطقة العامرية غرب بغداد، في حين تصاعدت الحرب الكلامية والاتهامات بتحميل المسؤولية عن هذه الاعتداءات الدامية والطائفية، فقد حمل رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي،  الحكومة والقيادات الأمنية مسؤولية التغاضي عن ضعف إدارة الملف الأمني، واستنكر اغتيال شقيق النائب عن ائتلاف "العراقية" أحمد المساري.

وفي ذات السياق، دعا خطيب جمعة الفلوجة عبدالحميد الجميلي العراقيين إلى محاربة الأحزاب الدينية، التي الدين بريء منها، لأنها ذبحت العراق، وعبثت فيه بالفساد، وشجعت المليشيات على قتل العراقيين بفتاواها.. تدهور الأوضاع الأمنية في العراق وزيادة وتيرة العنف، تحمل مؤشرات لا تبشر في العموم بالخير لمستقبل هذا البلد، ما لم تعِ قيادته السياسية خطورة المستنقع الذي تجره إليه، وتبادر لعقد حوار وطني، ينهي حالة الاحتقان، ويطوي صفحة الإقصاء، ويمنح للجميع حقوقه في بلد؛ هو للجميع، ويسع الجميع.

 

 

الأكثر مشاركة