10 أعوام ونيّف مرت سريعة منذ تولينا رئاسة الحكومة في دولة الإمارات، 10 أعوام أطلقنا فيها خطط واستراتيجيات وبرامج، وأعدنا خلالها تشكيل الحكومة عدة مرات، وطورنا خلالها أنظمة لمتابعة الأداء وتطوير الخدمات، وشجعنا على الابتكار وعلى استخدام التكنولوجيا في كافة المؤسسات، ووضعنا الجوائز، وشكلنا الآلاف من فرق العمل، وعقدنا الكثير من الخلوات والاجتماعات، وأسسنا العديد من الأجهزة الحكومية الجديدة، فما هي النتيجة؟
لعل من المناسب أن نقف كل فترة، نراجع أداءنا، ونقيس تطورنا، ونتأكد من اتجاهاتنا. نعم نحن نقف اليوم على أعتاب عشر مضت وخمس سنوات قادمة وصولا للعام 2021 الذي وضعنا له الكثير من الأهداف والغايات، ووعدنا شعبنا بتحقيق العديد من الطموحات والإنجازات، فماذا تحقق في العشر السابقة، وماذا نريد خلال الخمسية القادمة؟ لعلي في هذه الرسالة السريعة ألقي الضوء على مجموعة المؤشرات فيما تحقق، وأترك الباقي للإخوة المسئولين في الحكومة، والإخوة المسئولين في الإعلام ليناقشوه بكل شفافية أمام المجتمع، بدون مجاملات أو مبالغات، بل بلغة الأرقام والحقائق، وبالأبحاث والدراسات، لكي نصحح المسار إن احتجنا، ونكثف الجهود إذا ارتأينا، وأيضا لنشكر المجتهدين، ونشجع المتأخرين. ويعلم الله لا نريد إلا مصلحة هذا الوطن، وعز وخير ونفع المواطن.
لو نظرنا للسنوات العشر السابقة نظرة إجمالية، وبرغم ما مر خلالها من أزمات مالية دولية وتباطؤات اقتصادية عالمية، وما مرت فيه منطقتنا أيضا من أزمات سياسية، واضطرابات إقليمية فأرقامنا في الإمارات تشير إلى خير وتقدم في كافة المجالات بحمد الله. فقد تضاعف اقتصادنا بحمد الله خلال السنوات العشر السابقة من ناتج محلي بلغ 663 مليار درهم قبل 10 سنوات إلى ناتج يبلغ 1360 مليار درهم اليوم، مع ما يوفره ذلك من فرص وظيفية وتجارية واقتصادية لمواطنينا ولكافة المقيمين على أرضنا. وكما أكدنا خلال السنوات العشر السابقة بشكل مستمر وعبر العديد من التشريعات والسياسات على استمرارنا في تنويع اقتصادنا بعيدا عن النفط، فقد ارتفع بحمد الله إجمالي صادراتنا غير النفطية من 113 مليار عند تولينا الحكومة إلى 603 مليار درهم في آخر عام شاملاً المناطق الحرة، وارتفعت نسبة مساهمة القطاع غير النفطي في إجمالي الناتج المحلي من 66% إلى 77% تقريبا اليوم ، مما وقانا بشكل كبير من تأثر اقتصادنا بتراجع أسعار النفط في الفترة الأخيرة ، وجعلنا ضمن الدول القليلة دوليا التي استطاعت التعامل مع التباطؤ الاقتصادي الناتج عن ذلك.
وبتطور أجهزة الحكومة وخدماتها، ارتفعت أيضا مساهمة قطاع الخدمات الحكومة في الناتج المحلي من 23 مليار عند تولينا رئاسة الحكومة إلى 86 مليار درهم حاليا، وارتفعت تنافسيتنا من المركز 32 عالميا إلى المركز 16 عالميا لننافس دولا قضت في رحلتها التنموية مئات السنين قبلنا. أما الاستثمار الأجنبي المباشر فارتفع أيضا بفضل سياساتنا الاقتصادية المنفتحة من 179 مليار درهم إلى 410 مليار درهم خلال العشر سنوات السابقة وارتفعت أصولنا المصرفية في بنوكنا من 859.6 مليار إلى 2478.2 مليار درهم. أما في الصحة والتعليم وهما ضمن القطاعات ذات الأهمية القصوى لمواطنينا، فقد ارتفعت بحمد الله العديد من المؤشرات المتعلقة بالقطاع الصحي، فقد رفعنا إنفاقنا على القطاع الصحي من 1.18 مليار عند تولينا الحكومة إلى 3.82 مليار حاليا، وارتفع عدد الأطباء من 10 آلاف طبيب إلى أكثر من 17 ألف طبيب حاليا. وفي التعليم رفعنا إنفاقنا الحكومي بنسبة 57% ليصل إلى 9.75 مليار درهم حاليا، وارتفع عدد البرامج المعترف بها في الجامعات بالدولة من 206 إلى 862 برنامج جامعي خلال العشر سنوات السابقة. وارتفعت نسبة الالتحاق برياض الأطفال إلى 93% لتكون ضمن الأعلى عالميا ونسبة التخرج من الثانوية العامة أيضا لـ 93% لتكون أيضا ضمن النسب الأعلى عالميا.
الإخوة والأخوات .. لم يتوقف العمل خلال السنوات العشر السابقة في كافة القطاعات، ولم تكن جوائز التميز وبرامج التخطيط الاستراتيجي وتطوير الخدمات ومبادرات الحكومة الإلكترونية والذكية وأنظمة متابعة الأداء وغيرها مضيعة للوقت والجهد كما يقول البعض، فقد تطورت كافة قطاعاتنا بحمد الله وأصبح التميز والوصول للمراكز الأولى ثقافة حكومية راسخة، تقدمت حكومتنا في العديد من المؤشرات الدولية ، وتتصدر الإمارات اليوم دول المنطقة في أكثر من 100 مؤشر تنموي رئيسي، مع الكثير من المؤشرات التي تصدرنا فيها دول العالم، كمؤشر البنية التحتية وجودة الطرق، وجودة البنية التحتية للنقل الجوي والبحري، ومعدلات الأمن والأمان ومعدلات التحاق الإناث بالتعليم الجامعي وكفاءة الحكومة والثقة بالحكومة وغيرها. في 2006 كانت معدلات وفيات حوادث الطرق تقارب الـ 16 حالة لكل 100 ألف نسمة، واليوم وبفضل فرق عمل مخلصة ومتفانية في وزارة الداخلية تبلغ هذه النسبة 5.9 حالة لكل 100 ألف نسمة وهي في انخفاض بحمد الله.
أيها الإخوة والأخوات .. تفصيل الإنجازات التي حققتها فرق عملنا الحكومية خلال العشر أعوام السابقة يحتاج لمساحة لا يتسع لها هذا المقام، رسالتي لهم اليوم ليست في تعداد الإنجازات بل في سرد التحديات أيضا. أعلنا قبل عدة سنوات عن مؤشرات الأجندة الوطنية، وهي 52 هدف رقمي في قطاعات التعليم والصحة والإسكان والمجتمع والبنية التحتية والاقتصاد والبيئة والأمن والعدل والسلامة وغيرها نريد الوصول لها قبل العام 2021، لنكون من أفضل الدول عالميا في ذلك التاريخ والذي يصادف ذكرى مرور 50 عاما على قيام دولتنا. هذه المؤشرات هي أهداف تاريخية لنا خلال السنوات الخمس القادمة، وهي تمثل أهم تحد لنا لا بد أن نجتازه خلال الفترة القادمة. تلقيت قبل أسبوع تقريرا مفصلا حول تقدمنا في تحقيق هذه المؤشرات، وبلغت نسبة المؤشرات التي حققت تطوراً 62%، أي أن 38% من المؤشرات لم يتم تحقيق اختراق حقيقي فيها ولم يبق أمامنا إلا خمسة أعوام فقط وهي فترة قصيرة في عمر الدول. وليس من عادتنا أن نجامل أحدا، لأن المجاملة على حساب الوطن ليست من الوطنية.
وجهنا اليوم بتشكيل فرق عمل على مستوى الحكومة اسمها " الفرق التنفيذية للأجندة الوطنية"، تتكون الفرق من 550 مسئول على مستوى الحكومة اتحاديا ومحليا ممن يمثلون مختلف الجهات والقطاعات والمستويات ومن المعنيين بتنفيذ المؤشرات، وستكون الفرق التنفيذية تحت إشرافي المباشر بهدف تركيز الجهود، وحشد الطاقات، وتكثيف العمل خلال الفترة المقبلة للوصول لنسبة 100% من مستهدفات الأجندة الوطنية بحلول العام 2021. لا مجال للتأجيل، ولا مجال للتراخي، والتاريخ سيشهد علينا جميعا. وعدنا شعبنا بتحقيق الأفضل، والوعد دين، والعمل الحكومي أمانة، وحكومتنا لم ولن تعرف غير الجدية في تنفيذ خططها ومؤشراتها. سأكون بنفسي على رأس هذه الفرق، ونسأل الله الخير والسداد وأن يوفقنا جميعا لما فيه خير البلاد والعباد.