عناوين الكتب الأجنبية المترجمة للعربية تبدو لافتة، وغالباً ما تثير موضوعاتها وتصاميم أغلفتها شهية القارئ وفضوله، فإذا فتشنا لدى دور النشر العربية لا نجد ما يقابل ذلك أو يشبهه أو يوازيه، والسبب أن النتاج الغربي من الكتب يعتبر أكثر تنوعاً؛ لأنه يخدم قطاعاً هائلاً ومتنوعاً من القراء المتشعبين في مستوياتهم وأعمارهم واهتماماتهم، ذلك أن صناعة الكتاب في الغرب تعتبر إمبراطورية اقتصادية قائمة بحد ذاتها، ترتكز على قاعدة مالية ضخمة وتراث اجتماعي وزمني ممتد في تاريخ وأصول وثقافة القراءة.

لذلك فهذه الصناعة لا تعترف بقانون «التفاهة» بقدر ما تعترف بقانون الجودة، وبدورها في حركة التطور وتفاعلات السوق ومسؤوليتها تجاه الفرد والمجتمع، حتى وإن كانت هذه الإمبراطورية ترتكز على مبدأ تجاري، لكنها التجارة المتأسسة على منطق الإتقان والمسؤولية وليس الغوغائية والعشوائية، وإن كان سوق الكتب الصفراء موجوداً وله زبائنه كذلك!

يسير معظم الناشرين في عالمنا مع هوى السوق، ويتبع السوق أمزجة الناس وميولهم وموضاتهم السياسية والدينية، أما أمزجة الناس فيشكلها التقليد والدعاية وإعلام السوشيال ميديا والأصدقاء، فلطالما دخلنا معارض كتب كبرى في عالمنا العربي في سنوات سابقة (تغير الوضع الآن قليلاً) وإذا بدور النشر لا تعرض سوى كتب التراث الديني، وأحياناً السحر والشعوذة أو الروايات الضحلة و....، فإذا سألت البائع عن السبب قال لك «هذا ما يريده الناس»!

قرأت منذ أيام كتاباً عنوانه «كيف تعلم طفلك اختيار الكتاب الصحيح»، وهنا فإن اصطحاب الأطفال إلى معارض الكتب والمكتبات سلوك جدير بالمناقشة والتقنين والاهتمام، لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك، فليس الهدف اصطحابهم لمعرض الكتاب فقط، ولكن تعليمهم كيف يختارون كتابهم وفق عمرهم واهتماماتهم ومستوياتهم الذهنية… هكذا سيتعلم الطفل كيف يحب ويحترم الكتاب!

في علاقتنا المتشعبة بالكتاب، أفراداً وجماعات ودور نشر، نحن بحاجة لمراجعة الكثير من القناعات والأفكار والسلوكيات، لأن كثيراً من البالغين عندنا لا يعرفون كيف يشترون كتاباً يقرؤونه!