ملتقياتنا ودور المثقف الإماراتي

ستبقى المكتبة في مسيرة الإنسانية بقعة ضوء حقيقية، باعتبارها المكان الأكثر تخصصاً واحتواء على عصارة ما قدمته العقول من علم ومعرفة في كل جوانب وميادين العلم والثقافة.

والمكتبة لا تكون مكتبة إلا بالناس والقراء الذين يترددون عليها ويحيون جنباتها ويفعلون دورها، عبر جلسات القراءة وقوائم الاستعارات التي لا تتوقف، وعبر تلك اللقاءات الغنية والأسئلة والأحاديث والنقاشات التي تسهم في وجود فضاء عام يحتفي بالرأي والرأي الآخر ويتيح المجال لأصحاب الأقلام والأفكار والفلسفات ومحبي الكتب أن يجتمعوا تحت سقفها ويرتبطوا معاً برابطة جذرها الكتاب وانتماؤها للمعرفة.

ومنذ انطلقت مكتبة محمد بن راشد، كأحدث المشاريع الثقافية المعرفية الرائدة والقوية في دبي، وهي تنهض بأكثر من دور طليعي رائد ومؤثر، جعلها منارة شاهقة يشار إليها باعتبارها حاضنة مهمة لأفضل وأكبر مجموعات الكتب والنفائس والذخائر وأوائل الكتب والإصدارات في العالم، إضافة لكونها طاولة ضخمة وقاعة شاسعة يلتقي فيها محبو الثقافة والأدب والشعر والفلسفة من أبناء الإمارات والوطن العربي، ولقد التقيت تحت سقفها بوجوه وأسماء إماراتية لم أعرفها إلا عبرها ما يستدعي الاعتراف لها بالفضل.

إن القضية ليست في أن نؤسس احتفالاً أو ننظم ملتقى أو منتدى فكرياً على أرض الإمارات أو في مكتبات الإمارات، ثم نذهب ندعو من الأسماء أكبرها وأشهرها وأبعدها في الجغرافيا، وننسى أبناء الإمارات ومثقفيها وروادها وشعراءها ونقادها وأدباءها، الأهم هو في طرح السؤال: ما ضرورة الفعل الثقافي إن لم يكن منتمياً بوضوح إلى بيئته أولاً؟ وإن لم يتم تقديمه وتبنيه عبر أصوات أهله وتجارب أبنائه؟

نعم نحن نحتفي بكل مثقف من كل العالم احتفاءً وحباً في الثقافة والمعرفة كما عهدنا دائماً، لكن يجب أن لا نبتعد عن أبناء الوطن إنهم المظلة والصوت والرافعة، وهذا ما تكرسه أنشطة ومنتديات وملتقيات مكتبة محمد بن راشد الفكرية، حيث يحضر الصوت والوجه الإماراتي دائماً واضحاً وواثقاً وقوياً ليقول للجميع وعبر بهو مكتبة تنافس كبريات مكتبات العالم: نحن هنا، لا نقل في شيء عن جميع مثقفي وأدباء العالم!

الأكثر مشاركة