انتصار لإنسانيتنا

حين نكتب عن غزة أو نقف مع أهلها فإنما نفعل ذلك اصطفافاً مع الحق وانتصاراً لإنسانيتنا، نكتب عما يجري في غزة، لا عن حماس ولا عن أية سلطة أو حزب أو اتجاه، فكل الولاءات في معظم أقطارنا برهن البيع وكل البنادق قابلة للمقايضة إلا ما رحم ربي!

أعلم أنه لا شيء يمكن الوثوق فيه في أيامنا النحسات هذه، ولكن ما نثق فيه حقاً هو أن ما يجري ليس سوى جريمة إبادة مكتملة الأركان، حرب اجتثاث ظالمة تشن على شعب غزة الأعزل والوحيد في مواجهة آلة موت بلا قلب ولا ضمير ولا كوابح من أي نوع، آلة عمياء كثقب أسود لا تميز بين أنفاق يختبئ فيها مقاتلون مدججون، وبين مستشفيات ومدارس تمتلئ بالصغار والمرضى والعجزة، آلة تطحن حياة الرضع والصبايا الذين يشبهون الورد ويطيرون للسماء في غمضة عين.

كمواطنة عربية ممتلئ قلبي بالحزن والأسى، فما حدث وما يزال يحدث للناس هناك بشكل يومي، للعائلات في بيوتهم، للمرضى، لطواقم الأطباء والإسعاف والتمريض، للحوامل والعجائز وأصحاب الإعاقات والأمراض المزمنة، ما يحدث هناك وأمام أعيننا لا ينتهك مشاعر التعاطف والألم فينا فقط، ولكنه يدوس على وجوهنا ووجودنا ويمرغنا في العجز يومياً، ثم لا نملك أن نفعل شيئاً في نهاية المطاف سوى الفرجة!

كإنسانة أولاً وكمواطنة عربية مسلمة، أشعر بأن ما يحدث يستبيحني، يعلن احتلالي وتهشيم إنسانيتي وقذفي في البحر بلا أي شعور بأن لألمي قيمة، هذه المواطنة العربية التي هي أنا وغيري ننتظر دبابات مغول العصر ليسيروا فوق أجسادنا، لأن لديهم ضوءاً دولياً أخضر وغطاء عالمياً ليفعلوا ما شاءوا وعلينا أن لا نبكي أو نتألم أو حتى ندافع عن أنفسنا، لأننا سنصف إرهابيين!

إنني هنا أتحدث عن العدالة والحق والقانون، لا عن السياسة، أتحدث كإنسان دون أية تصنيفات وجنسيات، إنسان يكره الظلم والقتل والإبادة وينتصر للعدالة والحياة، فإلى متى ستظل هذه المجزرة مفتوحة هكذا على هواء كل العالم؟ لقد فقد العالم الإحساس بإنسانيته!!

 

الأكثر مشاركة