مجتمعات آمنة

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخلت سيدة إلى أحد المقاهي واتجهت مباشرة إلى الشخص الواقف خلف طاولة المبيعات، وسألته: هل عثرتم على نظارة كذا وكذا منسية على تلك الطاولة منذ عدة أيام؟ ابتسم الرجل ونادى سيدة تعمل معه وتحدث إليها، ففتحت درجاً وأخرجت النظارة وسلمتها للمرأة. هذا الموقف يتكرر باستمرار، وهو موقف مليء بالدلالات والإشارات.

إن كل فرد يسعى لتكريس تصورات إيجابية عن نفسه باعتباره كريماً وقوياً ومتديناً إلخ، كذلك الدول تفعل كل ما في وسعها لتتصدر جداول قياسات الأداء التي تمنحها علامات قوة وتميز بين الدول مثل: قياس تطور التعليم، وجودة الحياة، وتحقيق مستويات عالية من الأمن والحريات و... إلخ.

ووجود مستوى عالٍ من الأمن يعبر عنه ببساطة إحساس الإنسان بأنه آمن على نفسه وممتلكاته وأهله، في منزله وعمله وفي الشارع والمقهى والسوق.. فلا تسمع أحداً يوصيك بأن تنتبه لمحفظتك أو حقيبتك إذا ذهبت للسوق في المدينة الفلانية مثلاً أو ركبت مع سائق أجرة، لقد زرت دولاً فقدت فيها هاتفي بمجرد أن وضعته على الطاولة أمامي، وزرت أخرى أضعت هاتفي في المركز، فوصلني إلى غرفتي.

فعلى ماذا اعتمد المقيمون الذين منحوا طوكيو المركز الأول كأكثر الدول أماناً، بينما حلت سنغافورة في المركز الثاني فيما جاءت في المركز الثالث مدينة أوساكا اليابانية أيضاً؟ وما الذي يميز هذه المدن على غيرها لتحظى بهذه المكانة؟ يقول الخبراء إن أكثر المدن أمناً عادة ما تسجل مستويات مرتفعة من الرعاية الصحية العالية للأفراد فيها، ووجود فرق متخصصة في الأمن الإلكتروني والدوريات الشرطية على مدار اليوم، لحماية المجتمع، إضافة إلى التخطيط الجيد لمواجهة الكوارث، وانعدام مظاهر الجريمة المنظمة وعمليات النصب والاحتيال والسرقة في كل مكان!

لقد طورت الإمارات مفهوماً لا يجارى للأمن والأمان، حتى صارت مظاهر الأمانة والشفافية تثير الدهشة، كذلك الشاب الذي أصيب بالدهشة لأنه حين نسي محفظته في أحد المقاهي وذهب في اليوم التالي ليسأل وجدهم هناك يحتفظون بها، وهذا بالضبط هو ما يجعل بوابات المنازل في أحيائنا مشرعة طوال النهار دون خوف!

Email