ماذا فعل أسامة بالشباب الصغار؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا زالت ارتدادات الصدمة التي اجتاحت أوساط المثقفين والزوار لمعرض الرباط للكتاب تتوالى عبر تعقيباتهم وتدويناتهم على مواقع التواصل، تلك الآراء التي، للأسف الشديد، تعبر عن تعالٍ في بعض أصواتها، وعن انفصال حقيقي عن واقع خيارات واهتمامات الشباب العربي اليوم، وهو انفصال ظهر جلياً في مقدار الصدمة إزاء حجم الطوابير أولاً، وإزاء كون الشخص محط الإعجاب والمتابعة الكثيفة، يأتي من الخليج تحديداً، ولهذا التحديد قراءته الخاصة والحساسة نوعاً ما، والتي لا تخطئوها الذاكرة الخليجية جيداً!!

إن أهم ما فجرته تلك الطوابير الشابة التي صنعت حالة مباغتة للمثقف العربي التقليدي هي أنها فتحت الباب للعديد من النقاشات والأسئلة والاجتهادات في تحليل ظاهرة أسامة المسلم، ودفعت الكثيرين لمعرفة من هو معشوق الشباب الجديد الذي لا يأتي من عوالم السينما والغناء هذه المرة، ولكن من عوالم الكتب والروايات الغرائبية، ولا أبالغ إذا قلت إن أسامة كان الاسم الأكثر بحثاً على محركات البحث وكذلك رواياته، وهذه خطوة لا بأس بها، للاقتراب من ذائقة وقراءات الشباب التي لا يعترف بها 80 % من أصحاب الذائقة العربية المحافظة.

إن الطبيعة كما يقال تكره الفراغ، لذلك فإن ما حدث هو تعبير طبيعي عن رغبة الشباب المتروك للفراغ والتقنيات الحديثة وكل أشكال الانشغالات التافهة في أن يبحثوا عما يحبون ويفضلون، وعما ينقصهم حقيقة، فجاء أسامة ليقدمه لهم وبالشكل الذي يناسبهم، بلا تعالٍ ولا وصاية. صحيح أن الناشر وأسامة نفسه لم يفعلا ذلك إلا تحقيقاً للربح والاستفادة بلا شك، ولكن يتم ذلك بطريقة ذكية وإنسانية وبتفهم، كما فعل أسامة الذي قال عنه الشباب (إنه يهتم بمتابعيه، ويسمعهم ويقدم لهم الهدايا ويروي لهم الحكايات المثيرة بلغة يفهمونها).

أن يركض الشباب خلف كاتب، وأن يكون هذا الكاتب عربياً وخليجياً، وأن يكتب لهم بلغة عربية يقرؤونها ويعبرون بها بطلاقة وانتماء، فإن تلك مكاسب لم يتمكن من تحقيقها روائيون كبار طبلوا على مدار قرن يرددون: (إن الشباب العربي لا يقرأ، وهو منفصل عن هويته ولغته)!!

 

Email