المتسلقون!

بحثت طويلاً عن اسم يمكن أن يجمع أصحاب هذه السمات لكنني لم أتوصل له، إنهم أولئك الذين يتواجدون في أوساط الثقافة ويتصفون بسمات تجمع بين سلوكيات المتسلقين (ليسوا متسلقي الجبال حتماً) وأدعياء المعرفة وأنصاف المثقفين، ممن تجدهم يضعون ساقاً على ساق ليفتوا في المدارس النقدية واتجاهات شعر ما بعد الحداثة وفن الرواية، وقد يصدرون ديواناً شعرياً أو حتى رواية إذا تطلب الأمر، ولا عجب إن حازوا جوائز وتكريمات!

غالباً ما يوجد هؤلاء الأشخاص في أوساط الثقافة والمجتمعات التي تهتم بالأدب والصحافة، يمتازون بشخصيات محدودة الموهبة، لكنها قادرة على المزاحمة والثبات لحين الوصول، وهذا ما لا يستطيعه المثقف الحقيقي أو صاحب المعرفة. وبسبب رغبتهم في الشهرة والتحقق، فإنهم يطورون أدوات ووسائل ويرتدون أقنعة تمكنهم من التغلغل في تلك الأوساط التي تزدحم بالأسماء الكبيرة واللامعة وذات النفوذ، حيث يظهرون قدرة فعلية على المزاحمة في سبيل التواجد وسط تلك الأسماء ومن ثم التقاط الصورة وإثبات الإنجاز!

غالباً ما يتمتع هؤلاء الأشخاص بشخصيات ناعمة، توافقية، حيث من النادر أن يثيروا الخلافات أو يسعوا للخصومات مع أحد، فهم مسالمون، لا يجاهرون بآرائهم إلا في أضيق الحدود ومع أشخاص موثوقين، هذا إن كانت لديهم آراء محددة في أي قضية مطروحة، لأن الغالب أن آراءهم تكون حصيلة تجميعية لآراء جميع الذين يسعون للتقرب بهم!

من هؤلاء من ينتقد بعض الكتاب الذين ظهروا على الساحة مؤخراً، فيكتبون منددين بهم ومبدين أسفهم على الأدب والذائقة والأجيال الشابة، في حين أنهم لم يقرؤوا لهؤلاء الكتاب الذين يهاجمونهم كلمة واحدة، ناهيك عن أنهم لم يشتروا كتاباً واحداً على نفقتهم الخاصة! وأعرف من أمثال هؤلاء من يديرون جلسات لقراءة كتب لم يقرؤوها، ويناقشوا شعراء لا يعرفون مسيرتهم الشعرية، ويتحدثوا عن روائيين يجهلونهم. إن كل ما يفعله هؤلاء ليس سوى التفوه بعبارات مسترسلة ومكرورة بلا قيمة مجرد تكرار لما تمتلئ به شبكة الإنترنت، ومع ذلك يجدون من يفتح لهم الأبواب ويوسع لهم في الأمكنة، إنه حال بات شائعاً في كل مكان للأسف الشديد!!

الأكثر مشاركة