الكتب التي لا أحبها!

أحب الحكايات البسيطة والروايات التي يكتبها أصحابها ليس لأنهم يعرفون كيف تكتب الروايات، ولكن لأن لديهم حكاية حلوة أو فكرة ذات قيمة يودون مشاركتنا إياها نحن القراء الذين نقضي أوقاتاً طويلة باحثين عن كتب جيدة ننفق على شرائها مبالغ ليست قليلة أبداً، ولا أحب الروايات التي يحشوها مؤلفوها بالفائض من الثرثرة والقليل جداً من فن الرواية، ليشعروا حين يرونها بالعظمة لأنهم أصحاب روايات ضخمة وباهظة، بينما لا علاقة بين ضخامة الرواية وجمالها أو عظمتها.

لا أحب الروايات التي يدور فيها أصحابها حول ذواتهم ولا يرون سوى أنفسهم وهم يكتبونها، إنهم يكتبون سيرتهم الذاتية بأسماء مغايرة لا أكثر، وإن كتابة السيرة أدب لا خيال ولا صنعة روائية فيه، أما الرواية فشيء آخر، الرواية إبداع يصنعه خيال جامح لكاتب يعرف كيف ينتقي فكرته بذكاء، وكيف يصوغها بجمال مؤثر، لا يقلد أحداً ولا يكرر نفسه أبداً.

لا أحب معظم الروايات التي تملأ فضاء صفحات مواقع التواصل، وخاصة تلك التي ينشرها أولئك الذين جعلوا الحديث عن الكتب وسيلة للظهور واستعراض الذات، ومدخلاً للتقرب من مشاهير الأدب بعدما صار الحديث عن الكتب في وقتنا هذا مهنة من لا مهنة له، هؤلاء الذين يقرأون بعض الملخصات على مواقع مراجعات الكتب، ثم يأتون ليتباهوا بها أمام الملأ، فتشعر وكأنهم يسخرون من أولئك الذين يبذلون الكثير، باحثين بمعايير صارمة عن الكتب القيمة التي يقرأونها بجدية، ويتحدثون عنها بفهم، لذلك أجدهم يشبهون كثيراً تجار الكتب المزورة، فكلهم مزورون!

أحب الكتب التي تضيف إليّ معرفة مختلفة، تكسر كمطرقة بحر الأفكار المتجمدة في عقلي، تستفزني وأختلف مع كاتبها، أحب تلك الشخصيات التي لا تتكرر في الروايات والتي يصنعها كاتبها على مهل كما يصنع النحل متمهلاً قرص العسل، تلك الشخصيات التي لا تنسى أبداً، وما أكثر تلك الشخصيات التي أشعر بها تسير إلى جانبي أحياناً أو تلوح في خاطري حين أجدها تشبه أشخاصاً ألتقيهم في الحياة وكأنهم نسخ منها، فأقول كم كان صانع تلك الشخصيات مبدعاً حقيقياً.

 

الأكثر مشاركة