الضربات التي لا تقتلك!!

واحدة من المقولات التي لا يمل الكتاب والصحفيون وكاتبو الافتتاحيات والخطب ترديدها والتي تقول «إن الضربة التي لا تقتلك تجعلك أقوى»، فهل تجعلنا الضربات التي نتلقاها في حياتنا أقوى فعلاً؟ وهي إن كانت في بعض الأحيان تزيد منسوب الإصرار في داخلنا وتدفعنا للمضي قدماً في طريقنا، فهل هذا وجهها الوحيد فقط؟

يقول أحمد خالد توفيق، الطبيب، والكاتب، والمؤلف، والمترجم المصري الذي يعد رائد كتابات الرعب والغموض الموجهة للشباب، الذي غادرنا بشكل مفاجئ عام 2018 جراء أزمة قلبية طارئة (كيف يمكن لهؤلاء الذين تلقوا تلك الضربات التي كادت أن تقتلهم أن يعيشوا حياتهم خارج سيطرة الخوف الذي سيلازمهم بقية حياتهم بسبب الخوف من اﻷيام، ومن ضربة جديدة لا يدرون متى ستحين؟).

إن أخطر ما يمكن أن تخلفه تلك الضربات لا يكمن في الصلابة أو القوة التي تتركها في ضحاياها، بل في ذلك الإحساس بفقدان اﻷمان والثقة في اﻵخرين، وربما في أنفسهم! كذلك التبلد الذي يمكن أن يصيب مشاعرهم، وتلك الحالة من اللامبالاة، وذلك الفراغ في القلب، حيث يظل هذا القلب في حالة توجس دائمة من ضربة قادمة، فهل هذه هي القوة التي يتحدثون عنها؟

أعرف عدداً من الذين تلقوا تلك (الضربات التي لا تقتل لكنها تقوي) وأعرف كيف أصبحوا بمضي الوقت ميالين للأحكام القاسية، ليس من السهولة أن يحزنوا أو يتعاطفوا مع الآخرين وكأنهم يبنون حاجزاً مع الخارج يحمون به أنفسهم من أية ضربات قادمة!

ولأنهم لا يثقون ولا يتعاطفون فهم غالباً ما يتحولون لأشخاص ميالين للوحدة كما يقول «العراب» أحمد خالد توفيق، فالذين يتلقون الضربات يعطون انطباعاً أنهم محاربون وغير مرضي عنهم لذلك ينفض الناس من حولهم غالباً!

الضربات المتتالية تجعلك صلباً، وهذا مهم لتتمكن من مواجهة تحديات الحياة، لكنها تتركك قاسياً كذلك، ثم من قال إن الصلابة ميزة دائماً؟ إننا نحتاج إلى إنسانيتنا أكثر مما نحتاج إلى دروع نحارب بها، وإلى أن نتعاطف ونبكي ونعلن احتياجنا للآخرين؟ إن تلك الضربات بقدر ما تجعلك قوياً، إلا أنها تخفي الكثير من الانكسارات والأحزان!

الأكثر مشاركة