بعد الخمسين!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليست المسألة في أن نقف أمام المرآة كل يوم لنعرف مدى إمكانياتنا الجمالية، وليست في أن نتلقى كل يوم مزيداً من كلمات الإطراء من أشخاص مقربين وغير مقربين، ترمي إلى الاعتراف بأننا نتمتع بقدر لا بأس به من الجمال!

المسألة الأكثر أهمية هي اقتناعنا بأننا جميلون حقاً، دون مبالغة من الآخرين أو إنكار منا، جميلون بالقدر الذي يجعلنا نمر بيسر بين النقاط الصعبة في الحياة دون أن نتعثر بشعورنا بالنقص أو عدم القبول أو عدم رضا الآخرين بما نحن عليه، ما يجعلنا نجري يميناً وشمالاً بحثاً عما يجملنا أو يكملنا أو يضيف لنا ما نظن أنه ينقصنا أو ما يتراءى لنا أننا بحاجة ماسة إليه، لتمضي حياتنا بلطف، وليتقبلنا الآخرون، وليستقبلونا بالشكل الذي نطمح إليه!

إن عوامل مختلفة أو مواقف على هيئة كلمات أو إهانات أو عنف أو تنمر ربما نتعرض لها مبكراً هي ما تفقدنا الكثير من ثقتنا بأنفسنا، أو قد تكسر شعورنا بالكبرياء واعتزازنا بما نتمتع به من سمات لم نعد نراها فعلاً بعد تلك المواقف، ومن هنا يتم التأكيد على ضرورة أن لا يكسر كبرياء الطفل بالقسوة والإهانات والسخرية، فكل ذلك يفقده ثقته بنفسه، ويحوله إلى إنسان هش يتسول الإطراء والاعتناء والعاطفة من المحيطين به أو قد يجعله سهل الانقياد والتأثر!

تحدثت إعلامية من مشاهير الإعلام العربي عن أنها لم تكن تعتبر نفسها سيدة جميلة أبداً، بالرغم من تحقيقها نجاحات باهرة في مجالها، لكنها أكدت أنها لم تنظر لنفسها في المرآة يوماً لتقول ما أجملني! حتى بلغت الخمسين، في ذلك العمر الذي ينضج فيه الإنسان بما يكفي، ليرى نفسه كما يجب، أيقنت مدى ما تتمتع به من جمال وتأثير.

نعم تمنحنا التجارب الكثير من القوة، والرؤية، والاتزان دون أن يكون لدينا أي استعداد للانجراف وراء الإطراءات، وكلمات المديح الكاذبة أو المدججة بالأوهام، وبتلك الثقة في النفس، والقدرة على الحكم على الأشياء بجرأة، وبرؤية صحيحة، نبدأ بعد الخمسين مرحلة التعاطي مع الحياة بطريقة مختلفة تماماً.

Email