متحف البراءة

تحكي كاتبة عربية، تفاصيل يوم من أيام رحلة أخذتها إلى مدينة إسطنبول، حيث تبدأ حديثها عن ذلك اليوم قائلة «تعود هذه التفاصيل للعام 2022، حين استيقظت صباحاً، تاركة الجميع نياماً، وتسللت خارجة من الفندق، عازمة الذهاب إلى منطقة (بي أوغلو)، وتحديداً إلى حيث متحف البراءة!».

و«متحف البراءة» في أصله عنوان لواحدة من روايات الكاتب التركي أورهان باموق الذي نال جائزة نوبل للأدب عام 2006، نشرت روايته «متحف البراءة» عام 2008، وفيها يمازج باموق بين مسارين أساسيين في الرواية هما: الحب، ومدينة إسطنبول، متتبعاً في تلك السنوات (التي اعتبرها زمن البراءة) أثر كل من الحب والمدينة في الآخر، وكيف لعبت الثقافة الغربية (الموسيقى والسينما) دورها في الاثنين!

تتحدث الرواية عن تشابكات علاقة عاطفية ربطت بين فتاة فقيرة اسمها فوسون، ورجل ثري من أغنى عائلات إسطنبول يدعى كمال، حدث ذلك في الفترة بين (1975 - 1984) والتي عاشت فيها المدينة وطبقاتها الاجتماعية وسائر عناصرها حياة مغايرة تماماً عما هو الحال اليوم. ووفاء لتلك المرحلة أنشأ الروائي متحفاً يضم كل ما يتعلق بتلك الفترة، مؤرخاً واقع المدينة في أدق تفاصيلها عبر تلك العلاقة!

المتحف مؤلف من خمسة طوابق، تجمع محتوياته بين الفن والأدب، بحيث يتحرك رواد المكان بين الردهات والزوايا، وفي أيديهم نسخ من رواية باموق «متحف البراءة»، التي كتبها، ليربطوا بين ما قرأوه وما هو موجود في المتحف، وهي مبادرة تبدو طريفة وغريبة في الوقت نفسه أن تتحول رواية إلى متحف يحوي أدق تفاصيلها كجهد شخصي لتوثيق ذاكرة المدينة خلال سنوات محددة ومن خلال قصة حب!

يقول «أورهان باموق»: إنه شيد المكان، من أجل عرض ذكريات مدينة إسطنبول، من خلال قصة حب بكل ما فيها من لحظات سعيدة ومأساوية، ارتضاها البطل لنفسه بلا مبرر واضح. لذلك فالزائر سيلاحظ وجود أسطوانات، وملابس، وفناجين قهوة، وأعقاب سجائر، وأحمر شفاه، وأزرار، وعلب أدوية، ونسخ من جرائد صدرت في تلك السنوات..

كيف نحفظ تاريخ المدينة من خلال قصة حب؟ باموق أجاب عن السؤال عبر متحف البراءة!

الأكثر مشاركة