الحروب.. لماذا؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما الذي تعنيه مفردة الحرب، وأن يعيش الإنسان في حالة حرب؟ أن تُشن عليه حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، حيث يصبح ويمسي طوال عمره في مرمى الموت، فلا يتذكر من طفولته ومراهقته وشبابه وحتى كهولته إلا الحرب وأثرها، الحرب هي القنبلة التي تدمر كل شيء تماماً ظاهراً وباطناً!

إن الحرب سلوك وحشي لجأت إليه معظم شعوب العالم في جزء أو مرحلة من تاريخها، إما مضطرة أو متعمدة، سواء في الماضي أو الحاضر، عندما كانت الحرب مبررة لسبب امتلاك القوة الغاشمة، أو عندما كان الناس يعيشون ضمن مجموعات صغيرة أو قبائل متنقلة ومتناحرة تتقاتل لتوسيع أملاكها وطمعاً في موارد الطبيعة التي بيد الآخرين!

عندما كوّن الإنسان دولاً وممالك وإمبراطوريات عظمى لم يتوقف ولم يكتفِ، بل على العكس تماماً، كان شرط بقاء هذه الإمبراطوريات أن تغزو وتتوسع وتهيمن وتخضع الآخرين، حتى إن بعض المؤرخين نظروا لفترة التوسع والانتصارات باعتبارها مرحلة القوة والازدهار في تاريخ تلك الدول. إذن، فالكل حارب، والكل تعرض للاعتداء وفرضت عليه الحرب فرضاً!

كان الإنسان طوال تاريخه ولا يزال بين حالين: إما ذئباً يفترس بوحشية، أو شاة تُلتهم باستكانة، لذلك فغالباً ما تطمح الشاة لأن تصبح ذئباً ذات يوم، وتخوض حربها هي الأخرى، وهو ما عبر عنه الشاعر والروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله عندما قال: «لم يخلق الله وحشاً أسوأ من الإنسان، ولم يخلق الإنسان وحشاً أسوأ من الحرب»!

وأن تعيش بلاد ما حرباً، لا يعني بالضرورة أن يرى المواطن فيها ويعرف كل كوارثها بالتفصيل، يكفي أن يسمع أصوات المدافع والطلقات والمعارك الدائرة في نطاق منطقته أو بلدته، ويشاهد عبر نشرات الأخبار انتشال الجثث تحت أنقاض المبنى الذي تسكنه عائلة عمه، والذي دمر بالكامل إثر غارة جوية، يكفي أن يعرف جزءاً من الصورة القاتمة ليتأكد أن بقية الصورة هي الكارثة نفسها، وأن حجم الدمار وآثار الحرب وانعكاساتها ستظهر لاحقاً عندما تسكت أصوات المدافع، ذلك أن الحرب وحش لا يتحرك بالمنطق، إنه وحش يتصرف بحيوانية مطلقة!

 
Email