إنهم أولادهم لا أولاد الحياة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حفل تخريج طلاب وطالبات المرحلة الثانوية من إحدى المدارس الخاصة، والذي اختارت له المدرسة أن يكون في «دبي أوبرا»، فجاء الحفل أنيقاً منظماً، ساده جو من الحماس من جانب جموع الخريجات والخريجين، وطغى الفرح على وجوه أولياء الأمور وعائلات الخريجين وأصدقائهم، كان كل شيء بديعاً وعاطفياً، فالمناسبة تفرض ذلك الحماس، وتلك العواطف الجياشة.

لقد كان أولئك الآباء والأمهات والإخوة والأخوات يشهدون واحدة من اللحظات الفارقة في حياة أبنائهم وبناتهم، لحظة كانوا ينتظرونها منذ اثني عشر عاماً، سيضع هؤلاء الشباب أقدامهم بعدها على أول الطريق نحو تصور المستقبل، ابتداء من الجامعة التي سيختارونها، والتخصص الجامعي الذي سيشكل الملامح الأولى للغد القريب.

بدا كل شيء في قاعة الأوبرا مجهزاً لاحتفال بديع، حتى بدأت الرئيسة التنفيذية للمجموعة في إلقاء كلمتها الترحيبية، التي باركت فيها للطالبات والطلاب نجاحهم وتخرجهم، وهنأت أولياء الأمور بهذا الإنجاز الرائع، الذي عملوا ما وسعهم الجهد ليتسنى لأبنائهم بلوغ هذه الغاية العظيمة، كانت كلمة موفقة إلى أن استحضرت جملة معروفة للأديب اللبناني جبران خليل جبران، فأثارت الكلمة حفيظة بعض الآباء كما لمست من مكاني وأنا أتابع تخرج بنات أخوي مع جموع الخريجين.

لا أتذكر نص كلمة المديرة، لكنها كانت في هذا السياق: «أيها الآباء والأمهات ها هم أبناؤكم يتخرجون، ليحلقوا إلى جامعات وتخصصات، ومن ثم إلى وظائف وأعمال، ولاحقاً إلى المستقبل الذي لن تكونوا فيه، سيذهبون بعيداً ليصنعوا ويختاروا حياتهم، فأولادكم ليسوا لكم، إنهم أبناء الحياة، والحياة لا تقيم في مساكن الأمس!».

أظنها كانت كلمات في غير مكانها، ولا وقتها، ففي مواقف كهذه يتوجب انتقاء كلمات أكثر حكمة وتعبيراً عن الامتنان والعرفان لهؤلاء الآباء والأمهات، بعد كل ما بذلوا وقدموا، كان يجب أن يسمعوا شيئاً من حكمة القائد الكبير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ماذا لو قالت «هؤلاء أولادكم الذين ربيتم وبذلتم لأجلهم كل شيء، واليوم ها أنتم تحصدون ما زرعتم بفخر واعتزاز، ستبقون دوماً في حياتهم الضوء والمنارة والبوصلة، مهما كبروا، ومهما حلقوا بعيداً».

Email