ليلة الانفجار

الأقدار التي لا يمكنك مهما حاولت أن تفسرها، أو تفهم سر سيرها بالطريقة التي حدثت بها، تجعلك في لحظة فارقة من لحظات القدر هذه، تسترجع مسيرة وأحداث حياتك، لترى كم مرة نجوت فيها من موت محقق، وكم مرة منعت فيها شخصاً أو أشخاصاً آخرين من المصير نفسه؟ كم مرة غيرت سفرك أو خروجك دون سبب مقنع سوى ذلك المبرر الذي تقدمه لنفسك، وتقنع به غيرك (أشعر أن قلبي منقبض حيال هذا المشوار، أو هذه الرحلة) فتلغي كل شيء أمام دهشة الآخرين، أما أنت فتكون في منتهى الراحة!

إن الأحداث الغريبة التي تحدث لك، أو بالقرب منك، فتنجو في بضع ثوانٍ من مصير لا يمكن للصدفة وحدها أن تكون المدبر العبقري له، إن وراء نجاتك قوة عظمى تعلمها يقيناً، لذلك فبمجرد أن يتضح لك حجم الكارثة تضع يدك على قلبك مردداً: الحمد لله، ثم تسارع للاتصال بوالدتك، أو تجيب على هاتفك الذي كان في أثناء وقوع الكارثة يرن مراراً بينما كنت في غمرة محاولة استيعاب ما حدث!

إليكم هذه الحكاية:

في العام 2019، وفي أحد مساءات شهر فبراير على وجه التحديد، كنا نعبر الشارع بعد أن انتهينا، أنا ومجموعة من الصديقات، من حجز التذاكر لحفل سيقام في وكالة الغوري بحي الحسين، وحتى يحين الوقت المحدد للحفل، اتجهنا لمطعم «الدهان» المتخصص في المأكولات المصرية، عبرنا الحاجز الحديدي بين الشارعين ببساطة، وبعدها مباشرة عبرت مجموعات من المارة، بينهم شاب كان يدفع أمامه دراجة هوائية، كما سيظهر لاحقاً على شاشات الأخبار، بعدها بقليل كنا نجلس في المطعم استعداداً لوصول الأطباق، وإذا بصوت انفجار يهز المنطقة ويهزّنا جميعاً!!

تقافزنا للأسفل، تساءل الجميع، وجاء الخبر صادماً، شاب يقود دراجة هوائية وبحوزته متفجرات كان يخطط لتفجيرها في مجمع الشرطة الذي أمام المطعم مباشرة، لكن اكتشاف أمره وتعرضه للمطاردة جعلاه يغير خطته وخط سيره ويعبر للجهة المقابلة، وهناك انفجرت إحدى العبوات، ما أدى لمقتله وأحد أفراد الشرطة الذين كانوا يطاردونه!!

نظرنا لبعضنا برعب وقلنا بصوت واحد: الحمد لله، قدّر ولطف وستر!

الأكثر مشاركة