التنمية الذاتية.. أية تنمية؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت جلسات ودروس ومحاضرات التنمية الذاتية والتنمية البشرية واحدة من أكثر الظواهر التي انتشرت في الإمارات ودول الخليج.

وحظيت باهتمام الكثيرين على مستوى الأفراد والمؤسسات، حتى بدت أمراً مألوفاً في بداية سنوات الألفية الثالثة تلك الإعلانات اليومية عن إقامة تلك المحاضرات والورش التدريبية، ومن خلال ذلك امتلأت أرفف المكتبات بكتب هذه التنمية، وأصبح المدربون والمحاضرون فيها نجوماً جاءوا ليزاحموا شيوخ الفضائيات!

لقد تسيّد «شيوخ الفضائيات» المشهد الإعلامي لسنوات طويلة، في الفترة نفسها، لكن هؤلاء كانوا الأسبق، والأكثر حظوة، وهنا لا بد أن نستحضر «عمرو خالد»، الذي كان النجم الأول بلا منازع من بين هؤلاء، والحق أنني حتى اليوم وأنا أتأمل التجربة كلها لا أدري سبباً منطقياً لشهرة الرجل وزملائه، وتلك الجماهيرية التي حظي بها، التي تبخرت في غمضة عين، وكأن كثيراً من الإعلام والفضائيات قد أدخلت الجماهير في سباق عبثي مع هؤلاء، كانوا خلاله يركضون خلف فقاعة أو خيط دخان لا أكثر!

المهم أن نجوم التنمية البشرية والذاتية تلك جاءوا ليشغلوا حيزاً، ولينالوا حصة من الكعكة الدسمة، التي كانت تستخرج نفقاتها من جيوب الناس، الذين صدّقوا ادعاءات هؤلاء وأولئك، ودفعوا من أموالهم وأوقاتهم وجهدهم الشيء الكثير، وكما انتهى أولئك إلى النسيان، تلاشى هؤلاء إلى المصير نفسه، ولكن لا بد من وقفة!

وقفة تتلخص في السؤال التالي: ألا يتوجب، بل ويفترض بنا كمجتمع نمتلك إرادة وقدرات المراجعة والوعي، أن نتساءل: ماذا استفدنا من كل ذلك خلال أكثر من عشرين سنة؟ ما الذي قدمه هؤلاء وخلال آلاف الساعات الواقعية والتلفزيونية للشباب؟ ما الفائدة والمردود والأثر الثقافي والسلوكي والقيمي؟ هل رفعوا مستوى وعي الشباب؟ حصيلتهم المعرفية؟ قدراتهم ومهاراتهم..؟

لقد أنفقت ملايين الدراهم على استضافات ودورات واشتراكات وطباعة وشراء كتب في مجال التنمية الذاتية، التي جعلت محور رسالتها للفرد يتلخص في: (أَحب نفسك ولا تهتم إلا بما يسعدك، ولا تلقي بالاً لآراء الآخرين، وعش لنفسك.. إلخ)، وهذا هو التطبيق العملي للفكر الفردي، الذي تقوم عليه الرأسمالية، فماذا كانت النتيجة؟ تيارات الحرية الفردية التي نعاني منها اليوم!

Email