لماذا يجب أن نشاهد السينما؟ 2 ـــ 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما هي السينما التي يجب أن نحرص على مشاهدتها؟

إنها تلك السينما التي تلتزم بقيم الفن الجاد، وتعتمد فلسفة جمالية وفكرية وإنسانية بعيدة عن التهويل الذي تعتمد عليه السينما الأمريكية الأشد اختلاقاً للفذلكة التجارية، التي تعلي قيم السوق والتسويق، وترويج أسماء مخرجين وأفلام ليست بتلك الأهمية، على حساب أفلام ومخرجين أكثر عمقاً واستحقاقاً (ومع ذلك فهناك الكثير من الأفلام الأمريكية الجيدة بلا شك).

مؤخراً، سألت أحد المهتمين في هذا المجال حول ما نجده في العديد من كتابات الكثير من النقاد وصناع المحتوى على وسائل التواصل، وكذلك بعض المؤسسات الفنية من إضفاء توصيفات وتقييمات للعديد من الأفلام العالمية، باعتبارها أفلاماً عظيمة وأيقونية وتاريخية، في حين أنك إذا ذهبت لمشاهدتها لا تجد أثراً للعظمة والتفوق فيها، فما السبب في ذلك؟

ولنعطِ مثالاً على ذلك بفيلم «برتقالة آلية» أو «إنسان آلي»، الذي أنتج في عام 1971، وصنفه معهد السينما الأمريكية في المرتبة 46 ضمن قائمة أعظم 100 فيلم أمريكي على مر العصور!

هذا الفيلم صنفته بعض المؤسسات باعتباره ذا محتوى منافٍ للقيم الاجتماعية، وظل ممنوعاً من العرض في بلد الإنتاج بريطانيا حتى عام 2000، بسبب محتواه الجنسي ومشاهد العنف المبالغ فيها، التي اعتبرت مؤثرة سلباً على الشباب، كما أنه عندما رشح للعديد من جوائز: الأوسكار، والبافتا والجولدن غلوب، لم يفز بأي منها، لماذا إذن يقدمه النقاد لنا باعتباره فيلماً عظيماً وأيقونياً؟

يقول الرجل: هذا يحصل في السينما الأمريكية فقط، لأغراض التسويق، لكنه لا يحصل في السينما الأوروبية، التي تلتزم بالفن الجاد وتعتمد فلسفة جمالية وفكرية وإنسانية، إن هذا التهويل يصنع أفلاماً تافهة، والذين يقومون به ليسوا سوى نقاد مأجورين، يصفون الأفلام بما ليس فيها من باب التسويق والمنافسات بين شركات الإنتاج.

هذا كله يجعلنا أحرص على تتبع السينما الجادة، التي تحمل قيماً إنسانية حقيقية وعميقة، تهدف للتنوير وبناء الوعي الإنساني المشترك، وتربية الحس والثقافة والذائقة، من هنا تتشابه السينما مع القراءة باعتبارهما رافدين معرفيين كبيرين لا بد من الحفاظ عليهما.

Email