الصيف والسفر!

ت + ت - الحجم الطبيعي

بحسب ما نسب للجاحظ فإن «الأفكار ملقاة على قارعة الطريق، لكن المهم كيف نلتقطها» أو كيف نوظفها، وهنا فإن الأمر المهم أو المختلف ليس الفكرة، ولكنه طريقة العقل في تطوير وتكييف الأفكار، وإن التغيرات التي تجتاح المناخ في السنوات الأخيرة تحتاج إلى طرق مغايرة في ترتيب إجازاتنا الصيفية، واختيار أوقات وبرامج ووجهات سفرنا.

في بلدان الخليج فإن السفر في شهور الصيف الحارة ليس مجرد رفاهية وترف ودليل على الوفرة المادية فقط، خاصة في ظل توسع أسفار أبناء الخليج، وتنوع وجهاتهم وبرامجهم، واطلاعهم على مدن العالم كافة، لذا فإن البحث عن المتعة والجمال والتغيير والتسوق والعلاج والدراسة صارت دوافع أخرى مضافة للسفر والتنقل، لكن يبقى الهروب من طقس قاسٍ تصل معدلات حرارته للخمسين درجة هو أول تلك الأسباب.

في السنوات الأخيرة، وفي ظل ظاهرة الاحتباس الحراري، وارتفاع معدلات حرارة الأرض بسبب ندرة الأمطار، وجفاف مياه العديد من الأنهار، فإن الوجهات الأوروبية، التي اعتادها الناس صارت بلداناً طاردة في شهري يوليو وأغسطس، شهري الإجازة الصيفية، التي تشهد هجرة جماعية للخليجيين لمدن أوروبا تحديداً، لأنها شهور إجازة الأبناء من طلاب المدارس، حيث تشكل العائلات وأبناؤهم العدد الأكبر من السياح، وهذا يستدعي البحث عن أفكار وأشكال أخرى لتمضية الإجازة!

إن مجموع ما تنفقه العائلات الخليجية على إجازاتها الصيفية يصل لملايين الدولارات، تتوزع على تذاكر السفر وغرف الفنادق والسيارات المستأجرة، ووجبات المطاعم، والتسوق، هذا كله في مقابل أيام ذات درجات مرتفعة في معظمها، وهنا فنحن أمام نتيجة غير مقبولة لمعادلة: المال مقابل القيمة!

إذن فإما أن تغير الأسر وجهات سفرها بشكل جذري، اعترافاً بأن بقاء الحال من المحال، والتغيير سنة الكون، وإما أن نفكر في تغيير وقت الإجازة، ولأن الأسر ملتزمة بإجازات المدارس فقد لزم أن تبحث وزارات التربية في موضوع توقيت الإجازة الصيفية بشكل أو بآخر، ونحن هنا نتحدث عن سياحة واقتصاد عالمي، حيث تعتبر السياحة الخليجية مصدر دخل لبلدان السياحة، لذلك فالبحث عن أفكار سياحية جديدة أمر يبدو ضرورياً جداً!

Email