التعريفات المتداولة لكلمة ثورة تلتقي عند معنيي الإرادة الشعبية، وإحداث تغيير نحو الأفضل، وما بين هذين المعنيين الكثير من الأساسيات والجزئيات المتعلقة بالوطن وحياة المواطنين.

وثورة الثامن من آذار تجمع بين كل هذه المعاني بأساسياتها وجزئياتها، فهي انطلقت بإرادة جماهير جامعة، وبقوة هذه الجماهير التي فجرت الثورة، والتفّت حولها، وانغمست بها ممارسة وفكراً، وحمتها من المؤامرات، وصانتها من المطبات، وعملت ما بوسعها للمحافظة على ديمومة تقدمها سياسياً واقتصادياً وأمنياً ودفاعياً.

وثورة الثامن من آذار هي التغيير نحو الأفضل بذاته، وهي التحول النوعي بذاته، إذ بدأت بالتغيير منذ الساعات الأولى لانطلاقتها قبل ثمانية وأربعين عاماً، وفي مثل هذا اليوم من العام، وكان تغييرها لخدمة الشرائح الأوسع من أبناء الشعب السوري وخاصة العمال والفلاحين وصغار الكسبة، تلك الشرائح التي كانت محرومة من أبسط حقوقها، ومن كل مقومات زيادة الإنتاج، والارتقاء نحو الأفضل. ‏

لذلك اكتسبت ثورة آذار كل مقومات الشعبية والارتقاء والاستمرارية وتسلحت بالقوة اللازمة لإحداث التغييرات المطلوبة في كل نواحي الحياة بدءاً من تحسين مستوى المعيشة، مروراً بورشات العمل والإنتاج، وانتهاء بالارتقاء الاقتصادي والعلمي والتنظيم الإداري. ‏

هذا لا يعني بالتأكيد أن كل الأمور كانت تسير على أفضل وجه، وأن لا وجود للعثرات، فهذه كانت موجودة أو وجدت بين جنبات الثورة عمداً أو سهواً، ولكن الثورة كانت بالمرصاد لكل ذلك، وهذا ما أدى إلى قيام الحركة التصحيحية المباركة التي قادها القائد الخالد حافظ الأسد في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970. ‏

وبقيام الحركة التصحيحية انتقلت سورية إلى المرحلة الأهم في تاريخها المعاصر، فاتسعت دائرة فعلها عربياً وإقليمياً ودولياً، وتعمقت انجازاتها على صعد البناء الداخلي، والإعداد لمواجهة العدوانية الإسرائيلية، واستعادة الأراضي المحتلة والحقوق المغتصبة، فكانت حرب تشرين التحريرية بعد أقل من ثلاث سنوات على قيام الحركة التصحيحية. ‏

وثورة آذار، في الذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقتها، على مبادئها وثوابتها، وأكثر ما يميزها هو أنها صارت أكثر تجذراً وشعبية وبناء بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد الذي يعبّر عن إرادة الجماهير العربية، ويتصدّر نهج المقاومة والممانعة، ويقود مسيرة التطوير والتحديث في سورية. ‏