المستجدات الشعبية على ساحة الوطن العربي الكبير، بما تحمله من نشوة الثورات والانتفاضات، كادت تحجب الرؤية عن عدوانية إسرائيل وما تفعله في الأراضي المحتلة من قتل وتدمير واستيطان.

وعلى الرغم من أن هذا التحرك الشعبي العربي، الذي أسقط أنظمة قريبة من إسرائيل أو حليفة لها، هو في النهاية انتصار أكيد للقضية الفلسطينية وللعمل العربي المشترك الفعّال، إلا أن الضرورات الوطنية والقومية تقتضي إبقاء العين مفتوحة على العدو الأول للعرب إسرائيل. ‏

وأن تكون إسرائيل تعيش حالاً غير مسبوقة من التخبط السياسي والنفسي بفعل ما يجري في الشارع العربي من عودة إلى الذات وإلى العروبة، فهذا لا يعني الاستكانة لها، وغضّ الطرف عنها، والاعتقاد أنها مشغولة بذاتها. ‏

فهناك ما يشير إلى أن حكومة نتنياهو لا تكتفي بالعمل على استغلال الواقع العربي المستجد وعدّه فرصة مناسبة لتمرير المزيد من مشروعاتها، بل تستغل كذلك النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة في محاولة لتغيير مسار الثورات والانتفاضات العربية واحتواء نتائجها وتأثيراتها على إسرائيل. ‏

وهذا ليس مجرد استنتاج بل له ما يؤكده على أرض الواقع من خلال التحركات الإسرائيلية الأحادية والمشتركة مع الإدارة الأميركية. ‏

وقد كشف أكثر من مسؤول إسرائيلي عن تخوفه مما جرى ويجري على الساحة العربية وخاصة في مصر، وأشاروا إلى أن المستقبل لن يكون في مصلحتهم، ما يعني في عرفهم العنصري المزيد من العدوانية والترهيب والابتزاز السياسي، والمزيد من محاولات التلاعب بالساحة العربية. ‏

لذلك يكون الحذر أكثر من ضرورة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ العرب الحديث، ولذلك لا بدّ من أخذ إسرائيل دائماً في الحسبان، ووضعها حيث يجب أن تكون على رأس أولويات الثورات والانتفاضات العربية، لكونها العدو الأول للعرب.

وما يدعو للتفاؤل على هذا الصعيد هو أن هذا الذي يجري إرادة شعبية، والإرادة الشعبية العربية كانت ولا تزال مع المقاومة الوطنية، ومع العمل الجاد لاستعادة الأراضي المحتلة والحقوق المغتصبة، ومع استعادة الكرامة العربية المهدورة. ‏