أن تعود دورة الحياة في سورية إلى ما كانت عليه، وربما أفضل مما كانت عليه، فهذا هو الأمر الطبيعي المأمول والمضمون، ولاسيما أن السوريين لامسوا جسامة الأذى الذي أصابهم أو يمكن أن يصيبهم بسبب أعمال الشغب التي رافقت الاحتجاجات المطلبية في بعض المدن السورية.

السوريون، وهم رواد حضارة عميقة وثقافة واسعة ومعرفة سياسية مشهودة، لم يتأخروا أبداً في قراءة ما وراء ما جرى، وفي المسارعة إلى الاستنفار دفاعاً عن الأمن والأمان اللذين ينعمون بهما دون كثيرين غيرهم قريبين وبعيدين، ودفاعاً عن حزمة الإصلاحات المعيشية والإدارية والحزبية والإعلامية التي بدأت القيادة بتنفيذها وبتسارع شديد انسجاماً مع مطالبات عامة الناس. ‏

وكان للعقلاء من السياسيين ورجال الدين والوجهاء الدور البارز في السرعة بتصويب الأوضاع، وإعادة الأمور إلى طبيعتها، من خلال أحاديثهم وتحركهم المتواصل بين الناس وتقديمهم الأدلة القاطعة على أن ما جرى في معظمه لم يكن بريئاً، وأن المطالب المحقة مشروعة، بينما ركوب موجة المطالب بقصد التخريب وزعزعة الأمن الوطني مرفوض شكلاً ومضموناً، ولا يمكن أن يقبل به السوريون الذين يعرفون جيداً أين مصالحهم ومصالح وطنهم؟. ‏

وهذا بالطبع لا يعني أن الأمور وصلت إلى نهاياتها، وأن المحرضين والمخربين استسلموا واكتفوا بما فعلوه، فالقراءة السياسية المتأنية تقول غير ذلك، وتدفع إلى ما هو أكثر من اليقظة، إذا ما أخذت في الحسبان حقيقة أن سورية مستهدفة بأمنها وبسياساتها، وبمواقفها الداعمة للمقاومة، ومستهدفة أيضاً بمواطنيها وبرجالاتها الذين يحسبون لكل شيء بحكمة ودراية. ‏

وبالتأكيد فإن حزمة الإصلاحات الجاري تنفيذها، أو التي هي قيد الدراسة، تركت ارتداداتها الإيجابية على الأرض، وقوّت موقف الشارع الرافض للفتنة وللعبث بالأمن، وسدّت في الوقت ذاته الطريق أمام المحرضين والمخربين وعرتهم أمام عامة الشعب. ‏

وفي كل الأحوال فإن الإصلاح والتطوير في سورية هو منهاج عمل منذ عقد تقريباً، يتسارع أحياناً ويتباطأ أحياناً أخرى تبعاً للأولويات وللمستجدات، وهو حاجة شعبية وحكومية في آن معاً، وضرورة لابدّ منها لمواكبة العصر. ‏