العالم أمام اختبار الشرعية الفلسطينية

ت + ت - الحجم الطبيعي

حبس العالم أنفاسه أمس الجمعة، وهو يستمع إلى خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن وهو يحتمي بشرعية المنظمة الدولية في عقر دارها بنيويورك من الصلف الصهيوني، وازدواجية المعايير، والانحياز الفاضح إلى اسرائيل، ووضعت الخطوة الفلسطينية المنظمة الدولية تحت اختبار صعب بين مناصرة الطلب الفلسطيني الداعي الى قيام دولة فلسطينية مستقلة على خطوط 1967 وعاصمتها القدس الشريف، دولة كاملة العضوية إلى هيئة الأمم المتحدة". وبين القوى الرافضة لذلك، وكانت لحظة تسليم طلب العضوية لدولة فلسطين لحظة تاريخية بالفعل من باب المشاعر الإنسانية التي عبرت عن انحيازها إلى الحق العربي الفلسطيني.. ولكن هل يأتي قياس السياسة ومتطلبات المصالح الدولية متطابقاً مع مشاعر الإيمان بالحقوق والشرعية؟ هذا هو السؤال الذي يفرض نفسه على قادة العالم اليوم.

لقد تجاوب العالم مع نص كلمة أبو مازن وحظيت بالتجاوب الشعبي الفلسطيني معها صوتاً وصورة، ليكون يوماً تاريخياً حقيقياً، وليؤكد للعالم مرة اخرى أن الشعب الفلسطيني سار ويسير على طريق استرداد حقوقه بالطريق السلمي المتفق مع الشرعية والارادة الدولية، التي كان آخرها طلب العضوية في الأسرة الدولية، وطرح المطلب الشرعي السلمي أمام مجلس الأمن، والطلب من أعضاء المجلس التصويت لصالح العضوية الكاملة، كذلك كانت دعوته الدول التي لم تعترف بعد بفلسطين أن تعلن اعترافها.

كل هذا يأتي في وقت تصر فيه اسرائيل على تحدي المجتمع الدولي، وتضرب بقراراته عرض الحائط، معتمدة على الحائط القوي الذي توفره لها واشنطن بقدرتها على إجهاض أي قرار أممي باستخدام الفيتو، الذي أشهره الرئيس أوباما بوجه عباس صراحة، ودون مواربة.. الأمر الذي يشير إلى شدة الصراع الذي تخوضه فلسطين ومن ورائها الدول العربية والإسلامية والمحبة للعدل والسلام.

لقد أدرك عباس شدة الصراع الدبلوماسي في أروقة المنظمة الدولية، وأدرك أن إشهار سلاح الفيتو بوجه الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، سيفجر بما لا يدع مجالاً للشك ما أطلق عليه "الربيع الفلسطيني" الذي سيكون على اسرائيل أن تواجهه بزخمه الذي انطلق في عدد من الدول العربية، والذي لم يكن الفلسطينيون بعيدين عنه، عندما خرجوا أكثر من مرة وهم يهتفون للوحدة الفلسطينية ويسقطون الانقسام.. وإعلان عباس عن الربيع الفلسطيني سيكون بلا شك الرد الطبيعي والموازي للتعنت الاسرائيلي والامريكي، اذا ما استخدمت واشنطن ما يسمى بالفيتو لإجهاض حق الفلسطينيين بالحصول على مقعد لهم في المنظمة الدولية، وسيكون بالتأكيد ربيعاً فلسطينياً سيكون له أصداء ليس في فلسطين المحتلة فحسب، بل بالتأكيد سينسحب هذا الربيع بالتأييد والتعاون من كل الشعوب العربية والإسلامية والمحبة للسلام، وسيكون بحق "ربيعاً فلسطينياً" وستدرك معه اسرائيل أنها تسير في عكس تطلعات الشعوب، وأنها لابد تعيش "خريفها" مقابل الربيع الفلسطيني.

 

Email