استثمر النظام السوري رخصة القتل التي وفرها الفيتو الروسي الصيني المزدوج، الذي عطَّل مشروع القرار العربي في مجلس الأمن، وأوقف الأسرة الدولية من تجريد آلة القتل السورية.
وبدأ النظام السوري تصعيد عمليات القتل التي تتواصل إلى ما يشبه الإبادة الجماعية، كالذي يحصل في مدينة حمص، التي استفاق أهلها على قصف راجمات الصواريخ والدبابات؛ ما ينبئ بإقدام النظام السوري على ارتكاب مجزرة جديدة في هذه المدينة التي يسطر أهلها صوراً استثنائية من الصمود والمقاومة في الساعات الأولى القليلة من فَجْر أمس الاثنين؛ حيث سقط أكثر من ثلاثين قتيلاً في حي بابا عمرو وحده، إضافة إلى سقوط عدد من الضحايا في أحياء متفرقة في المدينة، خاصة حي الخالدية، الذي تعرض هو الآخر لمجزرة بشعة عشية تصويت مجلس الأمن الدولي، الذي جوبه بالفيتو المزدوج.
ومثلما استبق النظام السوري عرض مشروع القرار العربي على مجلس الأمن الدولي بارتكاب مجزرة حي الخالدية في مدينة حمص يقوم بعمل مماثل في المدينة نفسها، وهذه المرة باتجاه حي بابا عمرو قبل يوم من قدوم وزير خارجية روسيا ورئيس الاستخبارات لتنسيق عمل النظامَيْن؛ لمواجهة الإجماع الدولي والعربي الذي يسعى لوقف المجازر في سوريا.
تصعيد القتل والقصف الوحشي لمدينة حمص باستهداف أكثر الأحياء مقاومة براجمات الصواريخ والدبابات يرى فيه الكثيرون انتقاماً مروِّعاً من النظام السوري، وهو يمثل آخر أوراق النظام الذي يقترب من نهايته؛ إذ إن اصطحاب وزير الخارجية الروسي رئيس الاستخبارات اليوم إلى دمشق يوحي بأن الروس يبحثون عن آلية لتغيير رأس النظام، سواء عبر الخطة العربية بمنح صلاحياته إلى نائب الرئيس، أو إجراء تغيير داخلي من خلال الجيش السوري الذي يرتبط الكثير من ضباطه الكبار مع المخابرات الروسية.
ويهدف الروسي من وراء ذلك إلى الإبقاء على مَنْ يتعامل معهم، وقطع الطريق على أي تغيير ديمقراطي يجعلهم يفقدون سوريا موضع القدم الوحيد الباقي لهم على سواحل البحر الأبيض المتوسط، بعد أن فقدوا ليبيا، وقبل ذلك مصر أيام الرئيس المصري الراحل أنور السادات.
تكتيك الروس الجديد بالإقدام على إجراء عملية قيصرية للتخلص من رأس النظام، الذي أخذ يشكّل عبئاً عليهم، قد لا يحالفه الحظ؛ لذلك فإن النظام يصعِّد من عملياته الانتقامية ضد المدن السورية، التي بدأها في حمص، ويحاول أن يصنع مثلها في الزبادني، وهو ما يشير إلى أن الأيام القادمة ستحمل الكثير من المجازر التي سيرتكبها النظام السوري ما لم تتحرك الأسرة الدولية والدول العربية بالأخص لمحاصرة هذا النظام وإجباره على الانصياع لإرادة شعبه، التي لا تقبل غير رحيله وإحلال مَنْ يصون أرواح السوريين ويستجيب لحقوقهم محله.