مغزى انتهاك إسرائيل للتهدئة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بات من الواضح ان الانتهاك الإسرائيلى الفاضح والمفاجئ للتهدئة مع فصائل المقاومة الفلسطينية وشن سلسلة غارات على قطاع غزة واستهداف بعض قيادات المقاومة ضمن حوالى عشرين شهيدا على مدى ثلاثة ايام؛ يكشف عن مخطط دموى قبيح لرئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو لاستفزاز الجانب الفلسطيني واستدراجه الى مربع العنف وزعزعة الاستقرار بالمنطقة؛ مستغلا التداعيات الاقليمية وانشغال الطرف العربى والمجتمع الدولى باحداث سوريا..

الامرالذى يشكل تحدياً سافراً وانتهاكاً صارخاً لقرارات الشرعية الدولية وتهديدا لأمن واستقرار المنطقة، حسب موقف دولة قطر الذى سارعت بإعلانه بالأمس بلسان مصدر مسؤول بوزارة الخارجية، والذى دعت من خلاله اللجنة الرباعية ومجلس الأمن إلى التدخل العاجل لوقف هذا التصعيد العسكري وإلزام اسرائيل باحترام القانون الدولي.

واللافت أن هذا العدوان الاسرائيلى الجديد يأتى بعد ايام من الانفراجة فى ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية وقرب انجاز باقى بنودها؛ ولذلك من غير المستغرب ولا المستبعد ان يكون حكام تل ابيب قصدوا بهذا التصعيد اغتيال المصالحة واجهاضها؛ باعتبار ان اى تقارب فلسطينى- فلسطينى امر
يزعجهم ويشكل خطرا على كيانهم؛ كما ان فشل حكومة اسرائيل في تحريض الادارة الامريكية والغرب وافتعال مواجهة عسكرية مع إيران، دفعها إلى الهروب الى الامام بافتعال حلقة مفرغة من العنف في فلسطين.

نحن امام تصعيد اسرائيلى جديد ينذر بهجوم شامل على غزة — باعتراف صحف اسرائيل — التى أفادت امس بأن الجيش الإسرائيلي بادر وخطط لجولة التصعيد الحالية بشكل متعمد، بادعاء إحباط نيّة فصائل فلسطينية تنفيذ هجوم شبيه بهجمات إيلات التي وقعت في أغسطس الماضي، وهو تصعيد وعدوان قد يستغله نتنياهو فى خلط الأوراق للتنصل من مسؤولياته السياسية والقانونية ورفع شعبيته ولكن على حساب الدم الفلسطيني!

صحيح ان هناك مساعي وضغوطا بدأت تمارسها بعض الاطراف الاقليمية ومنها مصر لوقف هذا التصعيد؛ وتثبيت التهدئة وتفويت الفرصة على قوات الاحتلال لمواصلة عملياتها العسكرية ضد أبناء الشعب الفلسطينى في قطاع غزة وتجنيبهم المزيد من القتل والدمار؛ ولكن هذا باعتقادنا يستوجب أيضا تحركا دوليا فاعلا من قبل مجلس الامن واللجنة الرباعية لإعادة الهيبة للقانون الدولى الذى طالما أمعنت اسرائيل فى انتهاكه؛ واخرجت لسانها للمجتمع الدولى ومنظماته لتكرس فكرة انها دولة فوق القانون!

يبقى القول.. انه من غير المقبول ان تبقى الادارة الامريكية — التى تدعي صداقتها للعرب وتلجأ اليهم كلما سعت لبناء تحالفاتها — غارقة فى صمتها — كالعادة — حيال هذا التصعيد الاسرائيلى الجديد ضد ابناء الشعب العربى الفلسطينى؛ فإذا كان ثمة التزام اخلاقى امريكى راسخ ومتين لدى الادارات الامريكية المتعاقبة منذ خمسينيات القرن الماضى، بضمان امن اسرائيل؛ فإنه باعتقادنا ان أخلاق السياسة والتزاماتها تحتم أيضا على واشنطن — التى تطرح نفسها كوسيط نزيه — أن تنصح حكام اسرائيل بالكف عن سرقة ومصادرة حقوق الاخرين؛ واحترام اتفاقات التهدئة — حتى لو كانت غير مكتوبة — وعدم شنّ هجماتها على الابرياء والمدنيين.

Email