العراق أمام مفترق طرق

ت + ت - الحجم الطبيعي

التدهور الأمني الخطير الذي يعصف بالعراق حاليا، بات يهدد بانزلاق البلاد الى هاوية الحرب الاهلية مرة اخرى، بعد سنوات قليلة من تجاوز السنوات السوداء التي اعقبت احتلال العراق وأدت الى قتل مئات الآلاف وتشريد الملايين.

ورغم ان حكمة بعض الزعماء والقادة السياسيين نجحت خلال تلك السنوات المظلمة من تاريخ العراق، في انقاذ البلاد من اتون الحرب الطائفية اللعينة التي أكلت الاخضر واليابس، إلا أن سياسات حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي الحالية فيما يبدو، أخذت تدفع بالعراق من جديد الى مربع الفتنة الطائفية والعودة الى النفق المظلم، من خلال اعادة انتاج الازمة التي عانى ويعاني منها الشعب العراقي منذ وقت طويل.

وفي الاسبوع الاخير شهد العراق عودة مسلسل التفجيرات والعنف الدامي، حيث قتل اكثر من 150 شخصا خلال اسبوع واحد أزهقت فيه أرواح الأبرياء المسالمين واستهدفت المساجد اثناء خروج المصلين، الامر الذي يعكس الفشل الذريع لحكومة المالكي واجهزته الامنية، ويكشف عمق الازمة السياسية في البلاد.

لقد بات العراق اليوم امام مفترق طرق حاسم، وليس امام زعماء البلاد سوى وقت قصير، قبل ان تشتعل فتنة لا تبقي ولا تذر، بعد ان ارتفع السلاح وعلت نبرة المتشددين، في حين تراجع صوت العقل والحكمة لصالح دعاة المواجهة وتجار الحروب والأجندات الخاصة.

ان استخدام الاجهزة الامنية في مواجهة الاعتصامات السلمية المستمرة منذ أشهر، بدلا عن البحث عن معالجات سياسية لمطالب المتظاهرين المشروعة، وكذلك غض الطرف عن المليشيات المسلحة ذات التوجهات الطائفية المعلومة، لا يخدم سوى تمزيق العراق والنيل من وحدته الوطنية. لقد حان الوقت لكي تسود الحكمة العراقية مرة اخرى، حيث لا سبيل امام القادة السياسيين سوى الجلوس الى مائدة الحوار بشكل عاجل، للخروج بحل وطني شامل يستجيب لمطالب كل العراقيين دون استثناء، ويرفع المظالم الكبيرة التي تراكمت بفعل سياسات الإقصاء والتهميش.

 

Email