مصر في مفترق الطرق

ت + ت - الحجم الطبيعي

 تعيش مصر أجواء ساخنة، تزداد سخونتها لدرجة اللهب، مع تصاعد وتيرة احتجاجات 30 يونيو، والمنحى الذي اتخذته الأحداث وستتخذه خلال مهلة الثماني والأربعين ساعة التي حددها الجيش من أجل تحقيق مطالب الشعب. هذه الأجواء والأحداث تضع مصر في قلب العاصفة من جديد، وإن كانت عاصفة غير محددة الأهداف ولا معلومة الاتجاهات، ومن هنا تتعاظم مسؤولية المصريين كافة بجميع أطيافهم، رئاسة وأحزابا وجيشا، للالتقاء على كلمة سواء تعيد سفينة 25 يناير إلى مسارها الصحيح، حتى ولو تطلب الأمر تقديم تنازلات مؤلمة من جميع الأطراف.

مصر اليوم أمام منزلق خطير، مثلما هي أمام مستقبل مجهول، مادامت كلمة الفصل بيد الميادين، وليست بيد الساسة والحكماء، ومن هنا فإن تدخل الجيش ربما يكون حاسما، بل ومفيدا من أجل الضغط على جميع الأطراف للتحاور والتنازل والتفاهم بلغة العقل والمنطق، بدل لغة الصراخ والتهديد والوعيد، لأن مصر بحاجة لخوض معركة سياسية نظيفة بدل معركة كسر عظم غير شريفة.

مصر اليوم بين خيارين، إما التمسك بالشرعية التي أتت بها ثورة 25 يناير وتعزيزها بحوار وطني جاد وصادق ومخلص، أو الانقلاب عليها بحجج وذرائع تعيد مصر إلى المربع الأول، وربما تعيدها إلى مسلسل ثورات أعمى وبلا طائل. وبما أن أنظار العالم أجمع مشدودة اليوم كلها إلى مصر، فلدينا ثقة كبيرة في الجيش المصري وتحركاته لحفظ الأمن، وبسط سيطرته على مفاصل الدولة المهددة بالخروج عن نطاق السيطرة، فان يسقط 16 قتيلا في يوم واحد فهذا رقم غير مقبول في مظاهرات يفترض بها أن تكون سلمية، كما أن الجيش المصري قدم درسا مشهودا في الحفاظ على الشعب وضمان حقوقه أثناء ثورة 25 يناير، ومسك زمام الأمور بهدوء، لذلك نراهن عليه اليوم كذلك للحفاظ على الشرعية وما حققته مصر من مكاسب ديمقراطية، وإن كانت محدودة، إلا أنها تبقى مقدمة من الممكن البناء عليها، إذا اقترب الفرقاء بعضهم من بعض، وقرروا الاحتكام إلى قوة المنطق بدل منطق القوة.
 

Email