مصر.. لا بديل للحوار..

ت + ت - الحجم الطبيعي

أخيرا بدأ صوت العقل والحكمة يسود في مصر بدلا عن صوت الغضب واستخدام القوة والعنف لحل الازمة السياسية التي اندلعت بعد عزل الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي. ومن الواضح ان الاشارات التي يرسلها طرفا الازمة حاليا باتت تعطي أملا بامكانية تجنيب مصر سفك الدماء والعنف.

لقد كانت اصوات النداءات للحوار والحل السياسي خلال الفترة الماضية خافتة، وضاع صداها وسط ضجيج التظاهرات والاعتصامات والعنف والدعاية الاعلامية وحملات الاقصاء وتمترس كل طرف عند موقفه، رغم المبادرات التي اطلقت على استحياء في ذلك الوقت من اكثر من جهة مثل مبادرة الدكتور محمد سليم العوا. غير ان الامر بات مختلفا الان، حيث نشطت التحركات داخليا وخارجيا لمنع مصر من الانزلاق نحو فوضى لا يحمد عقباها، خصوصا بعد حدوث نوع من توازن القوى بين المعارضين والمؤيدين.

ان وصول الاوضاع الى النقطة الحالية اجبر جميع الاطراف للبحث عن حلول سياسية للازمة، ذلك بعد وصول فريق السلطة الى قناعة مفادها ان اي محاولة لفض اعتصام مؤيدي مرسي سيرتد عليهم وسيعمق الازمة ويدفع بالامور الى طريق الهاوية. وفي الجانب المقابل بدأت تتشكل لدى انصار مرسي رؤية مفادها ان الاعتصامات المليونية لن تحقق حلا ان لم تتبعها عملية سياسية تبدأ بأن يعود الجيش المصري لمهمته الوطنية الأكبر وهي حماية الوطن والحدود، وأن يعتزل السياسة ويظل حكماً بين أطرافها من بعيد حتى لا يفقد شعبيته التي لا يختلف عليها أحد.

إذا لم يبق سوى تهيئة الأجواء للحوار، وعلى كل الأطراف أن تبدأ بالإجراءات التي تفتح باب الحوار الجاد، فعلى السلطات أن تبدأ بإطلاق سراح المعتقلين ووقف الحملات الإعلامية التي تشوه الطرف الآخر وتشيطنه وأن تعيد فتح القنوات الفضائية التي أغلقت وأن تتدخل لوقف كل الممارسات الاقصائية التي ظهرت في الآونة الأخيرة من بعض رموز التيارات العلمانية والليبرالية وغيرها. وفي المقابل، فان على قيادات جماعة الإخوان وتحالف دعم الشرعية الذي أسسته في مواجهة قرار الإطاحة بالرئيس مرسي، أن تهيىء معتصميها لقبول الحل السياسي الذي سوف تتوصل إليه. على كل الأطراف أن تعمل من أجل مصر، فالتنازلات المتبادلة لا تعني ضعف الموقف، بقدر ما تعكس حب الوطن ووضعه في الأولوية.

 

Email