لصالح منْ استمرار المجازر والقتل وإراقة الدماء في مصر؟، هذا التساؤل الذي يجب البحث له عن إجابة حتى نُطفئ فتيل الفتنة قبل أن تنفجر الأمور، فاشتعال الأزمة يزداد اضطرامًا يومًا بعد يوم ويُدخل مصر في نفق مظلم لا مخرج له تنبعث منه رائحة الدماء والمجازر.

إن فكرة استعداء الحشود السلميّة في الشارع تُكرّس منهج القتل والإبادة في التعامل مع الخلاف السياسي وهذا لا يُبشّر بخير، فذلك المنهج يعني القضاء على الحياة الحزبيّة والسياسيّة في مصر ما بعد الثورة ويجرّ البلاد نحو فوضى مدمّرة عنوانها الحرب الأهليّة لا قدّر الله، لذلك يجب أن تقتنع السلطات المصريّة أن مؤيّدي الرئيس المعزول ليسوا جماعة خارجة على القانون وتُمارس الإرهاب إنّما هي مكوّن حقيقي من مكوّنات النسيج المصري ولذلك يجب عليها أن تستمع لمطالبها والبدء في حوار جدّي مع جميع الأطراف والاتفاق على صيغة تشاركيّة ترسم خريطة طريق للخروج من الأزمة السياسيّة والأمنيّة.

إن سقوط المئات بين قتيل وجريح في مصر يوم أمس يدعو الجميع للبحث عن حلول عاجلة تُخرج مصر من مستنقع الدم، فحذارِ أن تتحوّل مصر إلى دولة فاشلة لما تُمثله من ثقل عربي وإسلامي مهم، فصون الدماء المصريّة من الإراقة واجب شرعي يستدعي الإسراع في تهدئة الأمور ومعالجة المغالطات والأخطاء في التعامل مع الحشود السلميّة المعبّرة بكل حضارة عن رأيها الرافض لعزل الرئيس مرسي.

المحيطان العربي والإسلامي مطالبان بالتدخّل الفوري لصالح فرض الاستقرار واستتباب الأمور في مصر، من خلال العمل على تغليب لغة العقل والحوار على لغة القتل والتنكيل، فيجب على جميع الأطراف التدخّل لإنهاء هذه الأزمة والشروع في الحلول السياسيّة من خلال مبادرات مقبولة من جميع الأطراف تكفل صون الدماء وتمكين الجميع من التعبير بحرّية وسلميّة عن الأفكار دون إقصاء أو تخوين، وهذا ما تدعو له دولة قطر لإدراكها أن الحلول الأمنيّة تفشل دائمًا في حسم الأزمات ولن تستطيع القضاء على الطرف الآخر المعارض، فالخلاف السياسي والفكري لا يُقابل بفوّهات البنادق ومحاولة كسر الآخر، بل بالحجّة والحوار والعمل السياسي والديمقراطي.