ما كاد يجف حبر وثيقة "الشرف والسلم الاجتماعي" الذي وقعت عليها الكتل السياسية العراقية نهاية الأسبوع الماضي لإنهاء مسلسل الموت الدامي المتواصل في العراق حتى نكب الشعب العراقي مرة أخرى بمزيد من العنف والتفجيرات التي ضربت المدن العراقية وتسببت في مقتل وإصابة المئات من المواطنين العراقيين في مشهد متكرر يهدد مرة أخرى بحرب طائفية لن يربحها أحد وسيخسرها الشعب العراقي بمختلف مكوناته الطائفية والسياسية.

لقد أكدت الكتل السياسية العراقية في وثيقتها على "حرمة الدم العراقي والحفاظ على الهوية الوطنية ونبذ الإرهاب والتطرف، وحماية النسيج الوطني وعدم السماح للأجندات الخارجية بتنفيذ مخططاتها في البلاد، واعتماد مبدأ الحوار سبيلاً وحيداً لمعالجة المشكلات والعقد التي تعتري مسيرة العملية السياسية في البلد"، كما تتضمن الوثيقة "تقديم الخدمات للمواطن وإجراء إصلاحات اجتماعية وسياسية مهمة للحفاظ على مكتسبات العملية السياسية".

النوايا الطيبة لم تثبت أمام الاختبار حيث عادت الاتهامات والاتهامات المضادة والخطابات المتشنجة لتسمم المشهد العراقي السياسي بعد ساعات من توقيع الوثيقة ما يؤكد حجم الهوة الكبيرة التي وقع فيها الشعب العراقي ووقعت فيها الأطياف السياسية العراقية بما بات يهدد وحدة العراق ومستقبله.

إن استمرار حالة الانقسام السياسي العمودي التي تشهدها البلاد وفشل قادة الكتل السياسية العراقية في الخروج من عنق الزجاجة الذي دخلوه بسبب انقساماتهم وصراعاتهم يجعل مستقبل العراق في خطر ويوفر الأرضية الخصبة لنمو التطرف والإرهاب الذي يهدد وحدة العراق وتماسكه ووحدته الوطنية.

إن سلسلة الهجمات التي شهدتها المدن العراقية وارتفاع عدد الضحايا ليصل إلى "570" قتيلا خلال شهر سبتمبر الجاري وأكثر من 4400 قتيل منذ بداية العام الحالي، كشفت هشاشة الوضع الأمني في البلاد التي تعيش أزمة سياسية متواصلة منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة وتكشف عقم جميع الإجراءات الأمنية التي قامت بها الحكومة العراقية لمنع هذه الهجمات وتوفير الأمن والاستقرار للمواطن العراقي.

إن الوضع الأمني المتردي في العراق وتواصل الهجمات التي تستهدف المواطنين العراقيين وتسعى إلى إيقاع الفتنة والحرب الطائفية في صفوف الشعب العراقي يستدعي من جميع القوى السياسية العراقية الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية والعمل بصورة عاجلة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد والتفرغ لمحاصرة واجتثاث الإرهاب الذي يستهدف العراق ويستهدف الشعب العراقي الذي يستحق أن يعيش بسلام بعد عقود طويلة من الحروب والصراعات والفتن التي تكاد تهدد حاضر البلاد ومستقبلها.