حرص جلالة الملك عبدالله الثاني على شرح رؤيته للاصلاح، بعبارات موجزة مكثفة، مشيراً الى مرتكزات هذا النهج والى العقبات التي اعترضته، ونظرته الى الربيع العربي باعتباره فرصة مناسبة لتجاوز الصعوبات التي تعترض هذه المسيرة المباركة.

ومن هنا، فالاصلاح في الاردن هو اصلاح متدرج ومستمر، يقوم على مراكمة الانجازات والبناء على ما تم تحقيقه، وصولاً الى حالة سياسية متقدمة في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وفي هذا السياق، شدّد جلالته خلال لقائه نخبة من القيادات الفكرية والسياسية والاعلامية والاكاديمية الاميركية بأن التحديات التي تشهدها المنطقة لن تكون مدعاة  للتباطؤ في عملية الاصلاح “التي أردناها نهج حياة لبناء المستقبل”.. فالانسان الاردني قادر دوماً على ضرب النموذج والقدرة على العطاء، وبناء الوطن بما يعزز من مكانته وانجازاته على الصعيدين الاقليمي والدولي، حيث استطاع هذا الحمى وبفضل تكاتف ابنائه وحرصهم على تحقيق الاصلاح المنشود، قطع مرحلة كبيرة ومهمة في الاصلاح السياسي تمثلت بتعديل اكثر من ثلث مواد الدستور، والتي افضت بمجملها الى تشكيل محكمة دستورية، وهيئة مستقلة للانتخابات، والتأكيد على الفصل بين السلطات الثلاث، وايلاء القضاء المنزلة الرفيعة التي يستحقها بصفته ملاذ الفقراء والمحرومين، واجراء انتخابات نيابية تميزت بالنزاهة والشفافية، وشكلت بداية لمرحلة جديدة من خلال مشاركة المواطنين، اذ تجاوزت نسبة المشاركين الانتخابات السابقة، واكدت ان المواطنين عازمون على المشاركة في بناء الوطن وفي تجديد الحياة السياسية، ورفضهم لنهج المقاطعة العبثي الذي لا يبني أوطاناً، ولا يحقق اصلاحاً.

لقد رحب جلالة الملك بالربيع العربي مسجلاً سابقة في المنطقة كلها، حينما انحاز الى هذا الربيع ومطالب الشعوب العربية في الحرية والكرامة والعيش الكريم، معتبراً هذا الحدث التاريخي فرصة مهمة للاسراع في انجاز الاصلاح، وهو ما يؤكد ويشهد على ايمان جلالته بهذا النهج واصراره على تقديم الافضل للوطن والمواطنين، ليبقى الاردن نموذجا يحتذى في المنطقة بالتغلب على الصعوبات والمستجدات، وتحويلها الى فرص للانجاز والبناء والتطوير والتحديث.

جلالته وهو يستعرض تجربة الاردن الفريدة ونهجه المتميز في الاصلاح أعاد التأكيد على رؤيته لحل الازمة السورية حلاً سياسياً، كسبيل وحيد لانقاذ القطر الشقيق من الكارثة المحققة، التي حصدت حتى الآن اكثر من  “130” الف مواطن سوري.. وحوّلت القطر الشقيق الى ارض محروقة، وهجّرت اكثر من ستة ملايين لاجىء الى دول الجوار وفي الداخل، داعياً المجتمع الدولي ان يفي بتعهداته ويقدم الدعم المادي اللازم للاردن لتمكينه من الاستمرار في اداء دوره الانساني.

وفي ذات السياق شدّد على ان المنطقة لن تشهد الامن والاستقرار ما لم تتم اقامة الدولة المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، وبحدود الرابع من حزيران.. “فقيام الدولة الفلسطينية المستقلة هي مصلحة اردنية عليا مثلما هي مصلحة فلسطينية عليا ايضاً”، داعياً اسرائيل بأن تعي بأن السلام وحده هو ما يضمن أمنها واستقرارها واندماجها في محيطها، وليس التمترس خلف عقلية القلعة.

   مجمل القول: وصف جلالة الملك للاصلاح بأنه نهج حياة لبناء المستقبل، يؤكد ايمانه الشديد بهذا النهج، وحرصه على استمرار المسيرة لبناء الاردن الحديث، بعدما استطاع هذا الحمى العربي، بهمة قيادته والتفاف ابناء الشعب حول هذه القيادة، تحويلَ المستجدات والتحديات الى فرص للبناء والانجاز والتحديث.
حمى الله الأردن...