أخيراً، لم تستخدم روسيا ومن بعدها الصين "الفيتو" لنقض قرار يصدر عن مجلس الأمن يتعلق بالأزمة السورية، ما يشير إلى أن الدبلوماسية الدولية قد نجحت في تليين بعض المواقف الداعمة والحامية للنظام السوري، وبصدور قرار أممي أمس بالإجماع فإن منعطفاً جديداً بدأ يأخذ مساره في الأزمة السورية للتمهيد لعقد مؤتمر جنيف 2، للتوصل إلى حل سلمي ينهي الأزمة.
وحين تضمن مشروع القرار أنه "في حال عدم الامتثال للقرار، بما في ذلك عمليات نقل غير مصرح بها للأسلحة الكيمياوية، أو أي استخدام للأسلحة الكيمياوية من أي طرف فإن ذلك يؤدي إلى فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة"، ويدعو إلى محاسبة المتورطين في استخدام الأسلحة الكيمياوية في سورية، مع الإشارة إلى أن "حل الأزمة السورية يكمن بالحل السياسي عبر حكم انتقالي يمكن أن يشمل أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة وجماعات أخرى".. فإن كل ذلك، إن طبق بالفعل، قد يسرع عملية الخلاص بالنسبة للشعب السوري، مع الخشية من المماطلة – برعاية روسيا - في عقد (جنيف 2) لكسب الوقت لعل معجزة تنقذ النظام.
إلى ذلك، حين يطالب مندوب سورية في الأمم المتحدة الدول بعدم دعم معارضي نظامه الذين يصر على تسميتهم بالإرهابيين والمجرمين ملوحاً بورقة قرار مجلس الأمن قائلاً إنه ينص على ذلك، فهو يتجاهل أيضاً أن مصطلحه هذا لا يستخدمه سوى النظام السوري، وأن حديثه عن الذهاب المفترض إلى "جنيف 2" للتفاوض على حل سلمي لن يكون إلا بين نظامه وبين المعارضة، فكيف للنظام إذاً أن يحاور من ما زال يعتبرهم إرهابيين.
على النظام السوري وأزلامه أن يدركوا أن المعادلة بعد قرار مجلس الأمن قد تغيرت، وأن أي تصرف غير مسؤول لن يمر عرضاً، واستنادهم على الدعم الروسي في عدم صدور قرار تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة إلا بموافقة جديدة من مجلس الأمن لن يجدي، فالروس لن يحرجوا أنفسهم أكثر، وإن ورطوا أنفسهم بـ"فيتو" جديد عند تلاعب النظام كعادته بموضوع تدمير ترسانته من الأسلحة الكيميائية، فإن الولايات المتحدة وغيرها من القوى الكبرى تستطيع اعتبار القرار الذي صدر ـ أمس ـ كافياً لإعلان تدخلها العسكري لتأديب النظام وبالتالي إسقاطه.