جسّدت مسيرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، واحدة من أروع القصص المليئة بالتحديات والإنجازات التي رافقت هذه المسيرة الطويلة في الإدارة والحكم لسموه، الذي وضع نصب عينيه منذ نشأة الدولة قبل 53 عاماً أنّ معركة هذا الوطن هي معركة البناء والإعمار، والارتقاء بالوطن والإنسان.

وأنّ الوقت لا يتّسع لإهدار الطاقات وتبديد العزائم فيما لا يعود بأحسن الفوائد والمنافع على هذا الوطن العزيز، الذي بناه رجالٌ مخلصون من أصحاب العزيمة القوية والحكمة العميقة والبصيرة النافذة ممّن كانوا يعرفون الطريق الصحيح لبناء الوطن، وتسخير كلّ الطاقات والإمكانات لتحقيق أكبر الأحلام وأعظم الأهداف والمنجزات.

تأسيساً على هذه الرؤية الثاقبة ما زال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يتقدم الصفوف ويقود فرق العمل ويضع العلامات على طريق النجاح، ويطالع عشاق كلامه وقراء صفحاته بهذه التغريدات الثمينة التي تستنهض العزائم وتشحذ الهمم، وتصقل الشخصيات وتعمر الوجدان بمحبة هذا الوطن الطيب النبيل.

وفي هذا السياق نشر سموه مقطعاً مصوّراً على حسابه في منصات التواصل الاجتماعي تحدّث فيه باللغة الإنجليزية مصحوبة بالترجمة عن واحدة من أعظم القيم العملية في هذه الحياة استرجع فيها ما كتبه في الفصل الأوّل من كتابه البديع «رؤيتي: التحدّيات في سباق التميز»، الذي جعل عنوانه «الغزال والأسد»، والذي جعله مفتاحاً لرؤيته المتميّزة التي بنى عليها هذا الكتاب التحفيزي الفريد.

«يميل الناس إلى التباطؤ، على سبيل المثال: إذا حقّق فريقي إنجازاً يقولون: حسناً، بات الشيخ محمّد سعيداً، سنتمهّل ونستريح». بهذه الإطلالة الإنسانية اللطيفة يفتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هذه التغريدة التي يوظّف فيها تجربته الخاصة في العمل مع فريقه، فهو يقرّر الطبيعة الإنسانية في حبّ الراحة والميل إلى التباطؤ، لا سيّما بعد بذل جهد شاقٍّ في العمل، ثمّ يضرب لذلك مثالاً من صميم عمله.

حيث يصوّر مشاعر فريقه وطبيعة تفكيره بعد إنجاز مشروع متميّز، حيث يشعرون بأنّهم قد أنجزوا شيئاً ملحوظاً بعين الرضا من لدن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ويدخل السرور على قلبه، ولذلك فإنّ عيونهم طامحة إلى فترة من الراحة والتمهّل، شأنهم في ذلك شأن كلّ إنسان يبذل جهداً وتطمح عينه إلى مستحقاته من الراحة والاستجمام.

لكن عين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كانت مثل عين الصقر الذي ينظر إليهم ويعرف مغبة إخلادهم إلى الراحة، فعقب على هذا الشعور بقوله: «لذا كتبتُ لهم التالي:

عندما يستيقظ الغزال في كل صباح في أفريقيا يضمن أن يتفوق على أسرع أسدٍ وإلا أصبح فريسة، قلت: كلّ صباحٍ في أفريقيا عندما يستيقظ الأسد يضمن أن يتفوّق على أبطأ غزال وإلا سيتضوّر جوعاً». في هذا المقطع يستلهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد درساً من أروع دروس الطبيعة التي نشاهدها كلّ يوم في حياتنا ولكن العجلة قد تمنعنا من التبصّر في دلالاتها.

حيث يجري مقابلة بديعة بين اثنين من الحيوانات المتميزة: الأسد الذي يمثل نموذج القوة الباطشة السريعة، والغزال الذي يمثل نموذج السرعة والرشاقة، فالغزال يعرف بغريزته التي لا تخطئ أن أي تهاونٍ في رشاقة البدن وقدرته على السرعة الخارقة التي تضمن له التفوّق على أسرع أسد وإلا فسوف يكون فريسة سهلة لأول أسدٍ يصادفه في طريقه، ليقابله على الطرف الآخر الأسد الذي يعرف أنّه ما لم يتفوّق على أكثر الغزلان بطئاً فلن يظفر بغنيمته اليوميّة من الطعام، وهذا يعني أنه سيظل يتضوّر جوعاً ويرجع خالي الوفاض من جولة هذا اليوم المحفوف بالفشل والخيبة.

ثم يختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هذه التغريدة قائلاً: «في دولة الإمارات العربية المتحدة ودبيّ: لا أكترث إن كنتم مثل الغزال أو الأسد، عندما تستيقظون من الأفضل أن تبدأوا بالركض»، فإذا كان ذلك هو قانون الطبيعة في قارة أفريقيا فإنّ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يريد أن يُعدّل معطيات المعادلة السابقة، فيؤكّد أنّه في دولة الإمارات العربية المتحدة، ودبي على وجه الخصوص.

لا مجال للتفكير بغير العمل والإنجاز والنهوض السريع في وجه الصباح والشروع في الركض مهما كان الدور الذي يمثله الراكض، هل هو الغزال السريع الخائف من الأسد الأسرع، أم الأسد الباطش الذي يخشى فوات حظه من الغنيمة إذا لم يكن على قدر مهمة المطاردة الحتمية التي تسير بها الحياة، فعلى أيّ الأمرين كان الوضع فإنّ قَدَر العاملين مع صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هو الاستعداد الدائم للانطلاق ثم الانخراط في مشروع جديد يتفوّق بكلّ تأكيد على المشروع السابق، لأنّ نظريّته في العمل هي أنّ القادم دائماً متفوّق على السابق، لتظلّ هذه البلاد معمورة بثقافة الإبداع، ومسكونة بهاجس الإنجاز والتفوق في جميع مسارات الحياة.