الفنون.. قوة إبداعية ورسائل إلهام

تستوقفني المواقف والتجارب الحياتية التي يمر بها بعض الأشخاص فيحولون الألم فيها إلى أمل، ويسردون حكايات إلهام تستحق أن تروى. وفي كل محطة إلهام، يبرز دور الفن كقوة إبداعية وأداة فاعلة لإحداث التغيير والتأثير في المجتمع، ووسيلة مبتكرة لتوصيل الرسائل الإيجابية، ويثبت أبناء الإمارات قدرتهم على استثماره في كتابة قصص ملهمة، وفي التعبير عن أنفسهم والتحليق بأفكارهم في فضاءات الإبداع والتميز، وفي التصدي للكثير من الظواهر المجتمعية السلبية، ليكونوا بذلك نموذجاً استثنائياً في الإرادة والإصرار على النجاح.

تجربة قاسية ومريرة عاشها الممثل وصانع المحتوى الإماراتي مصبح بن هاشم بسبب التنمر وآثاره السلبية، لكنه استطاع تجاوزها ونجح في التصدي لها بسبب الكوميديا التي قال إنها كانت السبب في علاجه، ليصبح اليوم فناناً يجسد قضايا الناس ويعبر عن همومهم في أعماله السينمائية. فكرت كثيراً بحجم ما عاناه هذا الفنان الذي سخر الفن سلاحاً في مواجهة الألم، ونجح في أن يصنع من الكوميديا جسراً عبر من خلاله إلى قلوب الناس، وشعرت بالفخر بشبابنا المتميزين القادرين على ترك بصمة مؤثرة أينما كانوا. وازداد شعوري بالفخر بعد اطلاعي على مبادرة الطالب الإماراتي سلطان البادي، الفائز بجائزة الشيخة فاطمة بنت مبارك للوقاية من التنمر، والذي تصدى لهذه الظاهرة السلبية بطريقة مبتكرة، حيث أطلق تحدي «صفر حالة تنمر بين طلبة المدارس» عبر منصات التواصل الاجتماعي، ورغم صغر سنه فقد أثبت قدرته على التأثير في مجتمعه، مدركاً حجم مسؤوليته ودوره الحقيقي في التغيير.

هؤلاء هم أبناؤنا وشبابنا، بمبادراتهم ومواقفهم التي تجسد فكراً إبداعياً متميزاً، وبإيمانهم بقوة الفن كصانع أمل، ومصدر قوة، ووقود إلهام، حيث تظهر رسالة الفن الحقيقية وتتوهج حين يمتزج بوعي الأجيال الجديدة، ويتألق الإبداع حين نتعامل معه على أنه قوة لا يستهان بها. الفن لم يعد اليوم رفاهية بل أصبح حاجة أساسية للارتقاء بالمجتمعات.
مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي