المُعلّم.. صناعة المستقبل وتشكيل الحياة

«لو لم أكن ملِكاً لكنتُ معلّماً» بكل هذا التبجيل والاحترام لمكانة المعلم تُنقل هذه العبارة عن المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز، طيّب الله ثراه، عن القيمة الكبرى للمعلّم في نفس هذا الملك، وهي كلمة عالية القدر مُستلهمة في جوهرها من قول سيد الخلق نبيّ الهدى سيّدنا محمّد، صلى الله عليه وسلم، من حديث عبد الله بن يزيد، رضي الله عنه، يرفعه إلى سيّدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إنما بُعثتُ مُعلّماً»، وهذا تشريفٌ دونه كلّ تشريف للمعلّم الذي هو منارة المجتمع العالية، والمؤتمن على الروح الإنسانية الغضّة التي تنظر إليه كمصدر للإلهام والاقتداء، فهو في المجتمع مثل القلب بين الأعضاء، إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله.

وتعبيراً عن المكانة الفريدة للمعلم في الوجدان الإنساني، وتقديراً لدوره الكبير في صناعة الأجيال، نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، تغريدةً في غاية الإبداع والجاذبية والعمق الروحي تحدث فيها عن القيمة المتفرّدة للمعلم الذي هو صمام الأمان للحياة، والباني المخلص للأجيال المتطلّعة نحو الحياة بلهفة ورغبة، لتكون هذه الكلمة من سموه تعبيراً عن مدى اهتمامه بالعلم والمعلم والطلبة وصناعة المعرفة بكل تفاصيلها.

«المعلم هو الذي يحوّل فصله الدراسي إلى بوابة لإطلاق إمكانيات جيلٍ كامل» بكلّ هذه الكلمات العفوية الصادقة المعطّرة بفخامة التقدير لهذا الإنسان الاستثنائي يُعبّر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن الدور الكبير للمعلم، حين كشف عن إمكانياته الكبرى في إطلاق إمكانيات الأجيال التي يستطيع المعلم بذكائه وإخلاصه ورغبته الصادقة في العطاء أن يوجّهها نحو وجهتها الصحيحة في بناء المستقبل وصناعة الحياة، من خلال الانتقال بهم من دائرة الخمول والكسل إلى مدارات العمل والإبداع والدخول بكل قوة في قلب الحياة لصناعة الوجود الحقيقي للإنسان، هذا الإنسان الذي تجلّت العناية الإلهية به من خلال فكرة القراءة والتعليم التي بها اكتسب منزلته العالية منذ لحظة الخلق الأولى حين علّم آدم الأسماء كلّها.

«المُعلّم هو الذي يُشعل فينا حُبّ التعلم، هذا الحُبّ الذي يبقى معنا للأبد» في هذه الكلمات المتوهّجة بالتقدير للمعلم يؤكّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على الفاعلية الكبرى لهذا الإنسان الكبير، الذي يُضيءُ القلوب والعقول حين يشعل المصابيح الإنسانية بحب العلم والتعلم، ويُضيءُ الطريق أمام الأجيال التي تستلهم رؤاه وتسير خلفه ثقة به، لأنها تعرف أنها تستمد منه سر الحياة والبقاء، فالعلم هو الكنز الأكبر الذي يبقى محفوظاً في أعماق القلب والذاكرة مهما طالت الأيام والسنون.

«المعلم وبأدوات بسيطة من كتاب ومعلومة وإرادة هو الذي يستطيع تشكيل الحياة وصنع المستقبل» في هذا المقطع من التغريدة يكشف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن المسافة العميقة بين الأشياء البسيطة والأشياء الكبيرة، فصناعة الأجيال لا تستدعي ضخامة الإمكانيات، فإذا توفرت الإرادة الصادقة والعزيمة النافذة، والشغف الحقيقي جاء من المعلم عطاء نادر وأداء فريد عظيم الأثر في صناعة الحياة وتشكيل المستقبل، فالمعلم بأدواته البسيطة وروحه المعطاءة هو الذي يمنح الحياة معناها العميق ومغزاها الذي يستحق الكفاح والسعي الدؤوب للعلم والمعرفة.

«في اليوم العالمي للمعلّمين نقول لهم: الوطن يقدّركم، لا حدود لشكركم، لأنه لا حدود لتأثيركم» واحتفاءً بهذا الإنسان الكبير في يومه العالمي يخاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كافة المعلمين، مؤكداً لهم أن الوطن يقدرهم، ويعرف قيمتهم، ويثمّن دورهم، ويرى فيهم الكوكبة اللامعة المؤتمنة على صناعة العقل والوجدان، وهذا التقدير ليس معنوياً فحسب، بل هو تقدير ملموس محسوس يتجلّى في الارتقاء بأحوال المعلم من جميع الجهات، فهو مُكرم مادياً ومعنوياً، ولذلك كانت عبارات الشكر غير محدودة؛ لأن عطاءهم وتأثيرهم غير محدودين، ليظل المعلم هو ذلك الإنسان الذي تخاطبه الأجيال قائلة له:

قف شامخاً عانقْ هناك الأنجما

يكفيك فخراً أن تكون معلّما.