إن إدارة العمليات بفعالية كانت إحدى الركائز الأساسية في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تجلى هذا النهج في الرؤية الاستراتيجية للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فقد أدرك، طيب الله ثراه، أن تحسين الكفاءة والفعالية في العمليات الحكومية هو مفتاح التقدم والازدهار، وعمل على تبسيط الإجراءات وتعزيز استخدام التكنولوجيا لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين. واهتم بجميع العمليات دون استثناء، ولكن مع ضمان الأولوية الممنهجة فيما بينها.
يُفسر ذلك بقوله: «ننظر إلى متطلبات شعبنا كلها؛ إذ إننا لا نستطيع أن نقول: إن الصحة أفضل من التعليم. أو إن التعليم أفضل من الصحة، ولا يمكن أن نهمل قطاع الصحة على حساب الاهتمام بقطاع التعليم، وعلينا أن نسعى إلى إقامة المستشفى وإقامة المدرسة، فلمن نبني المدارس إذا كان الشخص عليلاً؟ هل يجوز أن نبني المسكن إذا لم نوفر قبلاً مستلزمات هذا السكن؟ وكيف يمكن أن تتوفر هذه المستلزمات إذا كان رب هذا البيت بلا عمل؟ إن كل شيء يرتبط بالآخر؛ فمتطلبات الحياة مثل جسم الإنسان، هل يستطيع إنسان أن يستغني عن عضو من أعضائه ؟».
تعاون
كان القائد المؤسس الشيخ زايد يؤمن بأن خدمة المصلحة العامة تتطلب جهداً جماعياً وتعاوناً مستمراً بين الحكومة والمواطنين، وأكد أن الشخص الذي يرعى المصلحة العامة سيجد كل التشجيع والمساندة من الحكومة، معتبراً أن مثل هذا الشخص «جند نفسه بنفسه واعتنى بمصالح الآخرين». وكان يحرص دائماً على أن يتمحور العمل الحكومي حول تحسين الخدمات وتلبية احتياجات الشعب. ويؤكد «أن الشخص الذي يرعى المصلحة العامة وخدمة المجتمع سوف يجد مني ومن الحكومة كل تشجيع ومساندة». ويحث الحكومة والمجلس الوطني على العمل جنباً إلى جنب لتحقيق المصلحة العامة وتوفير التسهيلات اللازمة للمواطنين.
حرص القائد المؤسس الشيخ زايد على إشراك المواطنين في عملية اتخاذ القرار وتحفيزهم على تقديم آرائهم وأفكارهم بما يساهم في تحسين الخدمات وزيادة الكفاءة في الأداء الحكومي، معتبراً الحوار وسيلة لتحقيق التفاهم والوصول إلى أفضل الحلول، حيث قال: «إن أسلوب الحوار يؤدي إلى التوصل إلى أنسب الحلول المجدية، ولا يجوز للحكومة أن تستعمل جبروتها، ولا يجب لأعضاء المجلس أن يستعملوا جبروتهم، ولا جبروت لجهة من الجهات على جهة أخرى؛ لأننا أهل وإخوان، وأصحاب مصلحة واحدة ومصير واحد». كان الشيخ زايد يؤمن بفعالية الحوار المفتوح بين المسؤولين والمواطنين في تحديد الأولويات والتغلب على التحديات.
أشار الشيخ زايد إلى أهمية تمكين الشباب ومشاركتهم في التنمية الوطنية، قائلاً: «أنتم أيها الشباب لكم دور هام في ذلك، نريدكم أن تعملوا وتبذلوا كل جهد من أجل وطنكم، ومن أجل حاضركم ومستقبلكم». كان يرى أن إعطاء الفرصة للشباب للمشاركة في صنع القرار يساهم في تقديم أفكار جديدة وحلول مبتكرة للتحديات التي تواجه العمليات الحكومية. وعلى الحكومة الاستفادة من طاقات الشباب وتحفيزهم على الابتكار والمساهمة بفعالية في تحسين الخدمات العامة.
إرث
وحيث إن الابتكار يعتبر عنصراً حاسماً في تحقيق التنمية المستدامة، كان القائد المؤسس الشيخ زايد يشجع على الابتكار والتطوير. ففي قوله: «إننا ننظر إلى المال كوسيلة لخير مواطنينا، وهذا يفسر ما رأيتموه من تقدم ومشروعات متعددة في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية».
قد وجه الحكومة إلى الاستثمار في المشاريع الابتكارية التي تدعم الاقتصاد المحلي وتعزز من قدراتها على توفير خدمات أفضل للمواطنين.
من خلال توجيهاته الاستراتيجية، تمكنت الدولة من بناء منظومة حكومية تتميز بالفعالية والقدرة على التكيف مع المتغيرات، مما أسهم في تحقيق تطورات كبيرة على مستوى البنية التحتية والخدمات العامة. إن إرث الشيخ زايد في العلم الاستراتيجي وخاصة في إدارة العمليات بفعالية لا يزال يلهم القيادة الحكيمة اليوم في تطوير سياسات تركز على الابتكار والكفاءة في تقديم الخدمات، مما يساهم في استدامة التقدم والازدهار لدولة الإمارات العربية المتحدة.