منظمة شنغهاي في قمتها العاشرة

انعقدت في الأسبوع الماضي في العاصمة الكازاخستانية «آستانة» قمة منظمة شنغهاي للتعاون، هذه المنظمة التي تضم في عضويتها ست دول هي روسيا والصين وكازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزيا، .

وهناك أربع دول تتمتع بصفة مراقب في المنظمة هي الهند وباكستان وإيران ومنغوليا، وتشارك أفغانستان في أعمال المنظمة في إطار شراكة ثنائية متفق عليها، وتحظى هذه القمة بأهمية خاصة باعتبارها قمة يوبيلية تقيمية، .

حيث هي القمة العاشرة للمنظمة التي تأسست في 15 يونيو/حزيران عام 2001 في مدينة شنغهاي الصينية،.

وحملت هذه القمة شعار «إنجازات شنغهاي في عشرة سنوات»، كما تحظى هذه القمة باهتمام دولي نظرا لأنها تأتي في ظروف ساخنة مع المد الثوري الشعبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، .

وهو المد المتوقع أن يصل لمناطق أخرى، ومنها مجموعة الدول الأعضاء في هذه المنظمة، وقد انعكس هذا لأمر بشكل واضح في أعمال القمة والبيان الصادر عنها تحت عنوان «إعلان آستانة»، .

والذي دعت فيه الدول الأعضاء المجتمع الدولي إلى الإسهام في تسوية النزاعات المصاحبة لعملية التحول الديمقراطي في الدول العربية بطرق سلمية مع احترام استقلالها وسيادتها،.

كما دعت إلى وقف المواجهة المسلحة في ليبيا والتزام كل الأطراف المعنية بقراري مجلس الأمن الدولي رقم 1970 و1973، وجاء في نص الإعلان أن «الزعماء يعربون عن قلقهم من عدم استقرار الأوضاع في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، .

ويدعون إلى تحقيق استقرار الأوضاع في المنطقة في أسرع وقت ممكن. وتؤيد الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون في الوقت ذاته تقدم دول المنطقة على طريق التطور الديمقراطي مع أخذ خصائصها وسماتها الثقافية والتاريخية بعين الاعتبار.

». ومن المعروف أن إيران تسعى بجدية للانضمام لعضوية منظمة شنغهاي للتعاون، ولكن طلبها لم يقبل بعد حيث أرجأته قمة المنظمة نظرا للعقوبات المفروضة على إيران من قبل مجلس الأمن الدولي، ورغم هذا فإن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يحرص وبشدة على حضور جميع قمم المنظمة، .

ويذكر أن قمة المنظمة عام 2009 جاءت بعد يوم واحد من إعلان نتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية، والتي فاز بها الرئيس نجاد، هذه النتائج التي أشعلت الغضب في الشارع الإيراني لعدة أيام، .

والتي سقط فيها المئات من القتلى والجرحى، ورغم هذا غادر الرئيس نجاد طهران في اليوم التالي لإعلان النتيجة إلى روسيا لحضور قمة منظمة شنغهاي التي لا تتمتع إيران بعضويتها، بل مجرد مراقب فيها، الأمر الذي عكس مدى اهتمام طهران بهذه المنظمة.

ورغم ما أثير قبل القمة لأخيرة من أن الرئيس الروسي ميدفيديف لن يلتقي مع الرئيس الإيراني في قمة آستانة، نظرا للتصريحات التي سبق أن قالها نجاد عن ميدفيديف بعد موافقة روسيا على العقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي، إلا أن الرئيس نجاد توجه إلى آستانة لحضور القمة، .

والتقى بالرئيس ميدفيديف، وجدد رغبة بلاده للانضمام لعضوية المنظمة، وصرح تصريحا هاما لم يصدر عنه من قبل قال فيه «إن إيران ليس لديها أية نية أو تخطيط لتصنيع أو حيازة السلاح النووي».

. كما حضر قمة شنغهاي الرئيس الباكستاني آصف زرداري، حيث عبر عن أمل بلاده في الانضمام لعضوية هذه المنظمة التي تتمتع فيها باكستان بصفة مراقب مثل الهند إيران، .

حيث قال زرداري «نأمل بأن يتم النظر في طلبنا الحصول على عضوية كاملة بصورة عاجلة"، ومن المعروف أن الصين كانت تعارض دخول إيران في عضوية هذه المنظمة باعتبارها خارج النطاق الإقليمي لها وأن عضويتها ستصبغ لمنظمة بصبغة سياسية بحتة،.

بينما كانت روسيا تعارض عضوية باكستان في المنظمة نظرا لعلاقاتها المضطربة والعدائية مع الهند التي تربطها مع روسيا علاقات وطيدة، ولكن هذه الأسباب تلاشت إلى حد كبير، وأصبح سؤال عضوية إيران وباكستان في المنظمة مطروحا على طاولة البحث.

. أما الهند فرغم أنها لا تتمتع سوى بصفة مراقب في المنظمة، فإن سؤال عضويتها لم يطرح بعد، وعلى الأرجح أنه تم الاتفاق على إرجائه نظرا لما سيكون له من تأثير كبير، حيث إن المنظمة الآن يبلغ عدد سكان الدول الأعضاء فيها أكثر من ربع سكان العالم،.

وبانضمام الهند لها ستصل إلى ثلث حجم سكان العالم أو يزيد، الأمر الذي قد يثير حساسيات وقلاقل تجاه المنظمة على الساحة الدولية، وتخشى موسكو أن يعوق هذا الأمر مشروع حصول الهند على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، والذي تدعمه موسكو وتبذل فيه مساعي كبيرة.

لقد اكتسبت منظمة شنغهاي للتعاون أهمية كبيرة بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، وبعد جهودها في طرد القواعد العسكرية الأميركية من دول وسط آسيا، .

وزاد قلق واشنطن والغرب منها بعد النشاط العسكري المشترك بين بلدانها في إطار المناورات العسكرية الدورية التي تتم في إطار المنظمة، الأمر الذي يخشى معه الغرب أن تتحول هذه المنظمة في المستقبل إلى تحالف عسكري سوف يسيطر بالقطع على القارة الآسيوية، ويقوض مساعي وخطط حلف شمال الأطلسي شرقا.

الأكثر مشاركة