أميركا تستورد الأطفال من روسيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

ظهرت في روسيا وفي بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق ظاهرة اجتماعية سيئة للغاية، وهي بيع الأطفال بسبب الحاجة للمال وعدم القدرة على إعالتهم، وتطورت هذه الظاهرة بشكل كبير مما اضطر الحكومات للتدخل لوضع أطر قانونية وتنظيمية لها، وكانت ومازالت الولايات المتحدة الأميركية على رأس الدول التي تستقبل أطفالا من روسيا للتبني لدى عائلات أميركية.

وقد تم في موسكو منذ أيام قليلة توقيع اتفاقية بين البلدين تنظم عمليات التبني هذه وتضع لها قيودا وضوابط سواء عند تنفيذ الاتفاق على التبني أو حتى بعد سفر الأطفال الروس للولايات المتحدة وإقامتهم مع عائلات هناك، خاصة بعد ما تبين أن بعض هؤلاء الأطفال يلقون معاملة سيئة من الأسر التي تتبناهم وبعضهم أيضا يختفون تماما ولا يدري أحد أين ذهبوا، الأمر الذي يثير شكوك ومخاوف كثيرة من مغبة استخدام الأطفال بشكل سيء لأغراض غير مشروعة، خاصة وأنه سبق أن وقعت أحداث في هذا الشأن على مدى العقدين الماضيين تعكس جوانب خطيرة في هذه الظاهرة، ومنها حوادث تجارة أعضاء الجسم.

وتقدر جهات روسية اجتماعية عدد الأطفال الروس الذين تم ترحيلهم خلال السنوات الماضية إلى الولايات المتحدة الأميركية بما يتجاوز الخمسين ألف طفل، بعضهم من عائلات فقيرة غير قادرة على إعالتهم، وبعضهم من عائلات مدمني الكحول، وبعضهم من بيوت الأيتام، وكان سعر الطفل في سنوات التسعينات بعد انهيار الاتحاد السوفييتي يتراوح بين ثلاثين وأربعين ألف دولار، وانخفض السعر مع زيادة العرض من الأطفال، ثم عاد في السنوات العشر الماضية للارتفاع بشكل كبير يقترب من مئة ألف دولار للطفل مع تشديد الرقابة الأمنية في روسيا.

وكانت أجهزة الأمن الروسية بالتعاون مع أجهزة الأمن الفيدرالية الأميركية قد كشفتا عن أكبر شبكة دولية للتجارة في النساء والأطفال في روسيا وأوكرانيا وتهريبهم للخارج وخاصة للولايات المتحدة وإسرائيل، وتعمل الشبكة من خلال مكاتب لشركات وهمية لها في كبريات المدن الروسية، وتجلب النساء من الريف والمدن الروسية والأوكرانية، كما تحصل على الأطفال من مراكز الأيتام عن طريق التبني المشروع في روسيا وتصدرهم لجهات سرية في الخارج تستخدم الأطفال لأغراض أخرى مثل تجارة أعضاء الجسم .

وكان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قد إلتقى بقادة أجهزة الأمن الروسي وناقش معهم هذه الظاهرة الخطيرة وعودة نمو نشاط عصابات تجارة الرقيق في روسيا ، وطالب بوضع خطة استراتيجية للقضاء على هذه الظاهرة التي باتت تهدد المجتمع والأسرة الروسية وتسيء لسمعة روسيا خارجيا، كما اجتمع بوتين بممثلي المنظمات غير الحكومية الروسية العاملة في مجال الأسرة والمرأة والطفل، وناقش معهم وسائل مكافحة هذه الجريمة الإنسانية.

وقال لهم بوتين " إن جريمة تجارة الرقيق لا تقل أهمية عن جرائم الإرهاب والمخدرات " واشار بوتين في حديثه إلى أن عصابات الرقيق عادت تنشط في روسيا ، وأنها تحتجز الآلاف من النساء والأطفال في أماكن سرية وتتعامل معهم كبضاعة تباع وتشترى، وقال " إن هذه الجريمة الدولية تحتاج إلى تعاون دولي لأن العصابات تعمل في العديد من الدول في وقت واحد وتمارس تهريب النساء والأطفال عبر حدود العديد من الدول ومنها روسيا وجيرانها ".

القانون الروسي لا يمنع التبني، بل يجيزه حتى للأجانب الراغبين في تبني أطفال روس، لكن الحكومة ارتأت ضرورة وضع ضوابط صارمة على عمليات التبني بحيث يظل للدولة الروسية الحق في متابعة أحوال الأطفال الذين تم تبنيهم من قبل الأجانب في البلاد التي يعيشون فيها، وهذا ما تضمنته الاتفاقية التي تم توقيعها منذ أيام بين موسكو وواشنطن في هذا الشأن.

وكانت أجهزة الأمن الروسية قد ألقت القبض على عصابة دولية تقوم بتهريب الأطفال من روسيا إلى دول أخرى وخاصة الولايات المتحدة، وكانت العصابة تعمل في روسيا تحت ستار شركة اسمها " يونونا " للاستيراد والتصدير.

واتضح أن الشركة تتعامل مع مكتب في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وأن للشركة عملاء كثيرون يترددون على ملاجئ الأيتام المنتشرة في المدن الروسية، ويدفعون رشاوى لبعض مديري هذه الملاجئ ليعطوهم أطفالا أيتام للتبني في الخارج لعائلات أجنبية.

ويقدمون بيانات ومعلومات مزورة عن عائلات وهمية ستتبنى الأطفال الروس، وتتم الإجراءات بشكل قانوني ورسمي حسب القوانين الروسية، ثم يتم ترحيل الأطفال إلى جهات غير معلومة خارج البلاد، وبالتعاون مع أجهزة الأمن الأميركية تبين أن كثيرا من الأطفال لا يذهبون للتبني بل يختفون ولا يدري أحد أين يذهبون، الأمر الذي استدعى التحري حول احتمال استخدام هؤلاء الأطفال في تجارة أعضاء أجسامهم عبر عصابات أخرى تمارس هذه الجريمة على مستوى عالمي.

البرلمان الروسي يطالب بمنع السماح للأجانب بتبني أطفال روس، خاصة وأن روسيا تعاني بشدة من مشكلة نقص السكان وبحاجة لهؤلاء الأطفال.

Email