الربيع العربي شتاء اقتصادي

لا يخفى على أحد أن الربيع العربي جاء في توقيت غريب بعد الازمة الاقتصادية العالمية، والتي كان وما زال يعاني الاقتصاد الاوروبي والأميركي الكثير من التعثرات للخطط التنموية للخروج من هذه الازمة. لكن الوضع كان مختلفا في الاقتصادات العربية حيث تم تجاوز هذه المرحلة بنجاح أكبر، لعوامل متعددة من أهمها أن المقومات الاقتصادية غير معقدة، علاوة على وجود الموارد الطبيعية.

لاح في أفق الاقتصاد العربي ما ضرب به أكثر من الازمة المالية العالمية؛ والتي جعلت اقتصاد الشرق الاوسط يكون في حالة من عدم الاستقرار.

وطبعا هناك مقومات للتنمية الاقتصادية متعارف عليها أهمها: الاستقرار السياسي، الأمن الاقتصادي، الكوارث الطبيعية، النظام العام.

إن تحدثنا عن الاستقرار السياسي ذهب الاقتصاديون إلى ألا يمكن لدولة أن تعيش في حروب أن يكون عندها اقتصاد مزدهر، كما الدول التي تعاني عدم استقرار السلطة السياسية أيضاً لا يمكن ان يكون لديها تطبيق حقيقي للخطط التنموية.

الأمن الاقتصادي هو أحد ثاني أهم المقومات الاقتصادية حيث تكون هناك البيئة الجاذبة للاستثمارات علاوة على الحفاظ على عملية النمو الاقتصادي وجلب رؤوس الاموال.

متعارف أن الدول التي تقع ضمن خطوط الزلازل ومناطق الكوارث الطبيعية الاخرى مثل التسونامي والبراكين، لا تكون مستقرة اقتصاديا فنذكر غرق اليابان صاحبة الاقتصاد المتقدم أدى بها التسونامي إلى شلل عملية الانتاج وتأخر عجلة النمو الاقتصادي.

النظام العام هو ما تعارف عليه في تنظيم شؤون إدارة الدولة من دستور وقوانين والترسانة الادارية لتحريك عجلة الاقتصاد من وزارات وهيئات وتنظيم السوق والقطاعات الاقتصادية الاخرى مثل القطاع الصناعي والعقاري والمالي والزراعي.

من تأمل بعين اقتصادية ما يحدث في الشرق الاوسط يجد أن الخاسر الوحيد هو الشرق الاوسط الذي بات في شتاء قارص اقتصاديا بعد مرور فصل خريف الازمة المالية القاسي.

كشف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس قطاع الشؤون الاقتصادية، أن الاقتصاد العربي خسر ما يعادل 120 مليار دولار كنتيجة مباشرة .

كما ان المتوقع أن يتجاوز عدد الباحثين عن عمل بالوطن العربي، عام 2015، أكثر من 52 مليون شخص، مقابل 32 مليون شخص في 2010، كما ان سنة 2011 من الناحية الاقتصادية كان سيئًا للغاية فى ظل خسارة الوطن العربي من التجارة والسياحة ما يصل إلى نحو 56 مليار دولار.

وإن جمعت هذا كله ستعرف لماذا هو شتاء قارص عربي..و ربيع لكن ليس في الشرق الاوسط أبدا.

رحم الله حكيم العرب أبو الطيب المتنبي؛ صاحب النظرية الاقتصادية في الفوائد الذي قال: بـذا قضـت الأيـام مـا بيـن أهلهـا ... مصــائب قــوم عنـد قـوم فوائـد، فمن ذا الذي استفاد من مصائب الربيع العربي الاقتصادية؟!

الأكثر مشاركة