الخليج العربي والابزاز الغربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الواقع لم يفاجئني كثيرا التقرير البريطاني المولد والأوروبي اللقب، المجافي للحقائق الواقعية، والكاشف للمطامع الغربية نحو الإمارات العربية المتحدة، بل ودول الخليج العربي عموما، والباعث على الرثاء للحال الذي وصل إليه البرلمان الأوروبي من افتقار للمصداقية وللذكاء معا، ومن تجاهل للمصالح والمبادئ كذلك.. فقد تكفل الإعلام البريطاني بتبديد المفاجأة.

واستمعت بنفسي لما يشبه الحملة الدعائية، لا الإعلامية، الموجهة عبر عدة برامج لمحطة البي بي سي، ليس فقط ضد دولة الإمارات، بل أيضا ضد عدد من الدول الخليجية العربية، لأهداف اقتصادية وأغراض سياسية غير خافية، برائحة التحامل، وبلغة الابتزاز! فبينما كان النفط العربي مصدر قوة اقتصادية وسياسية للعرب عموما وللخليج العربي خصوصا، بما وفره من أسباب للتنمية الإقليمية والتأثير الدولي..

كان في الوقت نفسه أحد أبرز أسباب الأطماع الدولية والمطامح الإقليمية، بما أدخل المنطقة في إطار مخططات صهيو أميركية وغربية أطلسية باتت معروفة ومكشوفة، بدليل ما حدث في الخليج من حروب وبما طرح للشرق الأوسط من مشروعات وتسميات، "الجديد" إسرائيليا و"الكبير" أميركيا، تحت شعارات كالديمقراطية وحقوق الإنسان، لا يراد بها سوى الابتزاز الاقتصادي والضغط السياسي.

ومن المعروف مدى التكامل الاستراتيجي الكبير بين السياسات الأميركية والإسرائيلية والأوروبية، لإعادة رسم خريطة المنطقة بالفوضى الدموية الهدامة، وبالحروب الأهلية والفتن الطائفية والمذهبية والعرقية، بما يخدم مطامح ومطامع واشنطن وتل أبيب.

ويحقق السيطرة على مصادر النفط العربي في النهاية. ففي سلسلة مقالات بعنوان "المئة يوم الأولى لحكم شارون"، كشف المحلل العسكري الإسرائيلي "زئيف شيف" لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن مطامع شارون الاستراتيجية مع وصوله للحكم، مشيرا إلى أن "اهتمامه الاستراتيجي بسط جناحيه بشكل يتجاوز دول المواجهة المحاذية لنا، وحتى بعيداً عن الدول العربية الأكثر بعداً".

ولاحظ الأميركيون أن في أعماق رأس " شارون" مطامع راسخة في نفط الخليج العربي، وعبر عن ذلك الكاتب الإسرائيلي "عاموس كينان" بما قاله نقلاً عن شارون ونصه: "لماذا لا نستخدم جيشنا القوي في أرجاء الشرق الأوسط، الذي لا يعدو كونه منطقة "خواء سياسي"؟..

إنها منطقة مباحة ليست فيها أية قوة حقيقية، النفط يعادل المال والمال يمنح القوة، ولدى العرب نفط ومال، لكن قوتهم ليست سوى وهم..". وأضاف شارون بغرور القوة ومنطق القراصنة: "وماذا سيحدث فيما لو لم يعد العرب يسيطرون على نفطهم؟

وما الذي سيحدث فيما لو تحول النفط العربي إلى نفط يهودي؟ وماذا سيحدث لو وصلت القوات الإسرائيلية إلى منابع النفط العربي في إحدى دول الخليج؟ فالمنطقة كما هو معروف تقع ضمن مجال قدرة طائرات سلاحنا الجوي.. والمسافة من الكويت مثلا حتى تل أبيب أو العكس رحلة يومين فقط، وما من قوة على هذا الطريق يمكنها أن توقف زحف رتل دبابات إسرائيل"! ويواصل الكاتب الإسرائيلي الكشف عن المخططات الصهيونية في فكر شارون إزاء الخليج فيقول: "

وبعدها لن يعود النفط سلاحاً عربياً ويمكن أن يتخذ الإسرائيليون بمساعدة حلفائهم (الأميركيين والأوروبيين) ذرائع محددة نحو منطقة الخليج، تكون مسوغاً لأي تصرف عسكري محتمل تجاهها، ومدعاة للصراع والتدخل فيها"، ومن بين هذه الذرائع:

ــ نمو القوة العسكرية التسليحية لدول المنطقة.

ــ تصاعد التشدد الأميركي والإسرائيلي بشأن برامج التسلح العراقية والإيرانية وغيرها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تزعم إسرائيل أن لها حقاً في المرور في الأجواء والأراضي السعودية للعدوان على العراق أو لشن غارة على إيران، أو الانقضاض على السعودية "عندما تعلن أنها في حالة حرب مع بلادنا" بحسب ما قاله المحلل العسكري الإسرائيلي "زئيف شيف" في مقال نشرته "هآرتس" الإسرائيلية.

ــ ذريعة الحروب والخلافات التي تزرعها واشنطن بين دول المنطقة.

إن مصلحة إسرائيل تقتضي تأجيج النزاع والصراع في المنطقة بين الأشقاء والجيران، بهدف خلخلة الأوضاع القائمة فيها، وزعزعة الاستقرار بما يوفر الذرائع للعمل العسكري، وأن خططها المستقبلية بشأن المنطقة تسعى لإحباط سلاح النفط أو السيطرة على حقوله وعلى معظم عوائده، إذ إن مطامع إسرائيل ترتبط استراتيجيا مع مطامح الأطلسي بضفتيه الأميركية والأوروبية، في الخليج باعتبار أن "الخليج من دوائر الأمن العبرية والغربية".

 

Email