تمثل صناعة الطيران محوراً مهماً في حياة المجتمعات لما لها من تأثير اقتصادي كبير حيث للطيران دور مهم في التواصل بين الشعوب وازدهار التجارة الدولية بين شتى أقطار العالم. إلا أن نظراً للأزمات الإقتصادية العالمية وازدياد أسعار وقود الطائرات ومعارضات نقابات العمال أصبحت لعبة البقاء شرسة و ذو مخاطر كبيرة نظراً للاستثمارات الضخمة. ومن هذا المنطلق أصبحت السمة السائدة خلال العشرين سنة الماضية قيام شركات الطيران بعمل تحالفات تجارية عالمية رغبة في الهيمنة على أسواق الطيران، خاصة إنها منفردة لم تكن قادرة بتوفير خدماتها بشكل فعال مقارنة بتحالفاتها التي تستطيع زيادة شبكتها بتوفير رحلات جوية لركابها لأكبر عدد من المدن وبالتالي تغطية الخدمات المطلوبة.
ورغم توفر العديد من التحالفات العالمية وزيادة فوائدها ليس فقط على الأعضاء من شركات الطيران، ولكن على ركابها أيضاً، عادة تكون هناك محدودية بالنسبة للفوائد التي يمكن جنيها بسسب محدودية التحالفات وشروطها المعقدة في بعض الأحيان. إلا إننا لاحظنا خلال الأسابيع الماضية قيام الشراكة التاريخية بين طيران الإمارات وطيران كوانتاس من خلال تحالف جديد قلب موازين اللعبة في قطاع الطيران. وبمجرد الإعلان عن هذا التحالف بدأت الشركتان بجني ثماره حيث أعلنت كوانتاس ان الحجوزات الى أوروبا سجلت تضاعفاً بمقدار ستة أضعاف في الاسابيع التسعة الأولى منذ بداية العام. وستكون رحلاتها من إستراليا الى أوروبا عبر دبي أسرع وأقل تكلفة مما كانت عليه سابقاً.
استطاعت طيران الإمارات بهذا التحالف التغلب على التحالفات الأخرى وإعادة تشكيل اتجاهات الطيران العالمي وخاصة في شراكاتها خارج التحالفات التجارية العالمية. بالطبع هذا التحالف سيساعدها بتجاوز الحرب التي كانت شركات الطيران الأوروبية تشكلها ضد شركات الطيران الخليجية، وتجاوز بعض مصاعب الحصول على حريات الطيران التي تمارسها بعض الدول وخاصة الغربية، فحتماً ستستفيد بزيادة رحلاتها، خاصة في إستراليا ونيوزيلندا. وبموجب الشراكة سيستفيد مطار دبي الدولي كثيراً من خلال الزيادة الكبيرة المتوقعة للركاب الاستراليين العابرين.
هذه الشراكة بين الناقلتين ما هي إلا خطوة أولى مهمة لطيران الإمارات، ولن نتفاجأ خلال السنوات القريبة القادمة من قيامها بعقد اتفاقيات جديدة ومهمة مع شركات عالمية أخرى خاصة الأمريكية، مما ستعيد خلط الأوراق في أسواق الطيران العالمية. من المؤكد بأن تحالفات الناقلة مع الناقلات الأخرى تغير قواعد اللعبة، وتؤدي الى بناء علامات تجارية عالمية جديدة في قطاع الطيران، لأنها ستؤدي لخيارات أكثر لمواعيد الإقلاع والهبوط وتقليل وقت السفر، وبالتالي توفير أفضل تجربة سفر على الإطلاق للمسافرين.