كان هناك رجل مقطوع اليد من الكتف كان ينادي في النهار من رآني فلا يظلمن أحدا فقال له رجل: ما قصتك؟ قال: يا أخي قصتي عجيبة، رأيت يوماً صياداً قد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني، فجئت إليه وقلت له: أعطني هذه السمكة، فقال: لا أعطيكها، أنا آخذ بثمنها قوتاً لعيالي، فضربتهُ وأخذتها منه قهراً ومضيت بها. فبينما أنا أمشي بها إذ عضت إبهامي عضة قوية وآلمتني ألماً شديداً حتى لم أنم وورمت يدي، فلما أصبحت أتيت الطبيب وشكوت إليه الألم، فقال: هذه بدء الأكلة، إقطعها وإلا تلفت يدك كلها، قال: فقطت إبهامي. ثم ضربت علي يدي فلم أطق النوم من شدة الألم فقيل لي: اقطع كفك فقطعتها. ثم انتشر الألم إلى الساعد فآلمني ألما شديدا ولم أطق النوم وجعلت أستغيث من شدة الألم، فقيل لي: اقطعها من المرفق فانتشر الألم إلى العضد، فقيل لي: اقطع يدك من كتفك وإلا سرى إلى جسدك كله فقطعتها.
فسألني أحد الأشخاص عن السبب فذكرت له قصة السمكة. فقال لي: لو كنت رجعت من أول ما أصابك الألم إلى صاحبها فاستحللت منه واسترضيته، لما قطعت يدك، فاذهب الآن وابحث عنه واطلب منه الصفح والمغفرة قبل أن يصل الألم إلى بدنك. قال: فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته فوقعت على رجليه أقبلهما وأبكي، وقلت: يا سيدي سألتك بالله إلا ما عفوت عني، فقال لي: ومن أنت؟ فقلت :أنا الذي أخذت منك السمكة غصباً وذكرت له ما جرى وأريته يدي، فبكى حين رآها. ثم قال: قد سامحتك لما قد رأيت من هذا البلاء، فقلت :بالله يا سيدي، هل كنت دعوت علي؟ قال: نعم، قلت: اللهم هذا تقوّى علي بقوته علي وضعفي وأخذ مني ما رزقتني ظلماً فأرني فيه قدرتك.
هذه حكاية وحكمة جميلة قرأتها مؤخراً تُعلمنا بأن الظلم عاقبته وخيمة وجميع الشرائع السماوية تحذر من الظلم وتحرمه بين العباد. في مجالات العمل والمعاملات التجارية للأسف تحدث هذه الظاهرة مراراً وتكراراً، فتجد للأسف بعض الناس بمجرد حصولهم على المال الكبير أو وصولهم إلى مناصب عليا ينسون موظفيهم وعملاءهم فيبدؤون بالجبروت والكبرياء والغرور واستخدام قوة سلطتهم أو وظيفتهم في السيطرة المفرطة على موظفيهم ومراجعيهم بدون وجه حق، وكأنهم فراعنة زمانهم، حيث لا يمنحوهم الفرص الكافية لسماعهم وإبداء آرائهم أو أعذارهم.
على جميع المسؤولين ورجال الأعمال أن يكونوا متواضعين للآخرين وحذرين في تصرفاتهم مهما زادت ثرواتهم وارتقت مناصبهم. يجب أن نتذكر جميعنا بأن قائد دولتنا الغالية ومؤسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، هو القدوة الذي تعلمت منه قيادتنا الحكيمة، حفظها الله، الكثير وخاصة التواضع وخدمة الوطن والمواطنين. لهذا نحن لا نحب قيادتنا ودولتنا فقط، بل فعلاً نعشقهم.