تولي قيادتنا الحكيمة، حفظها الله، اهتماماً كبيراً للكوادر الشابة المواطنة، ذكوراً وإناثاً، من خلال إعطائهم الفرص في إثبات أنفسهم وقدراتهم، ويتضح ذلك في الكثير من المبادرات، وآخرها أن يكون عام 2013 عاماً للتوطين، بحيث تتضافر فيه الجهود، وتتوحد فيه الطاقات، ويتم خلاله إطلاق مجموعة من المبادرات والسياسات للتعامل مع التوطين كأولوية وطنية على جميع المستويات. بالإضافة لما نراه خلال الزيارات الرسمية لمواقع العمل، حيث تحرص حكومتنا على جميع مستوياتها على منح شباب الوطن الفرص في المشاركة الفاعلة في خطط العمل والتطور في مختلف المواقع، وبالتالي، الرقي بدولتنا الغالية على سواعد وطنية مخلصة ومبدعة. قطاع الطيران يعتبر من أهم القطاعات المهمة، ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى العالمي، لما له من تأثير اقتصادي كبير. في الإمارات نفخر ونتغنى بقصة نجاح قطاع الطيران والريادة التي حققها، حيث يوفر 250 ألف فرصة عمل في مجالات مختلفة، موزعة بشكل مباشر وغير مباشر. في ظل النمو الكبير لحركة الطيران، والتوسعات السريعة في أساطيل الناقلات الوطنية، وتوسعات البنى التحية في هذا القطاع، خاصة في المطارات، وتنظيم مجالنا الجوي، والبدء في صناعة أجزاء من هياكل الطائرات، هناك توقعات بأن تنمو فرص العمل بمعدلات لا تقل عن 30 % خلال السنوات الخمس المقبلة.

رغم ما يلعبه قطاع الطيران من دور مهم ورئيس في نمو الاقتصاد الوطني للدولة ومشاركته بحوالي 25 % من النتاج المحلي الإجمالي بشكل مباشر وغير مباشر، إلا أن نسبة المواطنين في هذا القطاع للأسف لا ترتقي إلى الطموح والتطلعات. ورغم عدم وجود إحصاءات فعلية عن نسب التوطين في قطاع الطيران، تشير التقديرات إلى أن النسبة أقل من 5 % في بعض الناقلات الوطنية. هذا يوضح قلة جهودها ووصولها إلى أقل من المأمول منها، في ما يخص استقطاب الكفاءات المواطنة. ويفند الكثير من المختصين في هذا القطاع يرجع تدني نسبة التوطين في الطيران إلى عدة أسباب، أهمها السمة التجارية، حيث يفوق مبدأ الربحية بالقطاع مفهوم التوطين، بالإضافة لغياب قانون يلزم القطاع بنسب توطين حقيقية وفعالة. رغم أن الدولة أنفقت وتنفق الملايين على تعليم وتأهيل أبنائها، في الداخل والخارج، إلا أن التجربة الواقعية العملية، لا تتكامل مع الهدف التعليمي، فأغلب من ينخرطون في العمل بمجال الطيران، غالباً ما يواجهون تحديات لتحد من طموحهم، وبالتالي فشلهم، حيث إن المناخ العام غير مواتٍ، بسبب كثافة الأجانب وسيطرتهم على قطاع الطيران في مجمله العام. المبادرات التي نجدها في تعيين المواطنين في قطاع الطيران للأسف قليلة.

لذلك، من المهم وجود إدارات توطين فاعلة في مختلف قطاعات الطيران، مع وضع أهداف لتحقيق نسب سنوية بتوطين حقيقي، وتوفير مناخ ملائم للعمل بالقطاع. أيضاً، من الضروري صياغة برامج تدريبية للشباب، وبناء كفاءات فاعلة ومنتجة من خلال التعليم والتدريب على المهارات الأساسية بواسطة خطط واستراتجيات طويلة الأمد لجذب الشباب المواطنين للانخراط والعمل والإبداع فيه. وضرورة وجود لجنة وطنية للتوطين في الطيران، لتتماشى مع مبادرة 2013 للتوطين، على أن تكون لهذه اللجنة صلاحيات وإمكانات مالية، وتعمل تحت إشراف الهيئة العامة للطيران المدني. بما أن التوطين صمام أمان وأمن وطني، يجب أن تكون له الأولوية في كل الأحوال، لمواجهة الأزمات، حيث إن في حالة الأزمات والطوارئ، سيكون قطاع الطيران أكثر القطاعات تأثراً، والتجارب واضحة في بعض الدول الإقليمية المعلومة للجميع، وإذا لم يكن العنصر المواطن قائماً وفاعلاً في هذا الأمر، قد نجد الحياة قد توقفت فيه لا قدر الله. لذلك، من المهم أن وضع قائمة الأولويات للمجالات الأكثر رغبة للعمل فيها من جانب المواطنين، بما في ذلك القطاعات الإدارية والهندسية والمراقبة الجوية، وعمليات المطارات والطيارين، ووضع خطط لتعزيز التوطين فيها، على أن تكون هناك خطة بعيدة المدى، ولسنوات لتغطي باقي مجالات القطاع.