سعدت قبل أسبوع بحضوري حفل تخرج أولادي التوأم أحمد ومحمد من جامعة ولاية أوريغون في الولايات المتحدة الأميركية وذلك من ضمن أكثر من 5400 خريج وخريجة اكتظ بهم الاستاد الرياضي في الجامعة. وقد يتساءل أحدنا ما الجديد في هذا فهناك الآلاف وربما الملايين من الطلبة يتخرجون سنوياً.
صحيح، لكن هناك العديد من النقاط التي أود سردها وذكرها في مقالي هذا، أهمها أن التخرج جاء بجهد أجيال بعد أجيال. فبعد أكثر من 20 عاماً من حصولي ووالدتهم على شهادتي البكالوريوس من أميركا، نجني ثمار التخطيط السليم من قبلنا والجهود الجبارة من قبلهم.
ذلك بفضل من الله ثم حكمة قيادتنا ،حفظها الله،. هنا يأتي دور الوالدين في رد الجميل لدولتنا في الإسهام في دعم مسيرة الإمارات من خلال التربية السليمة لأبنائنا وتعليمهم وتطوير قدراتهم للمشاركة والمساهمة المتواضعة في تطوير مستقبل هذه الدولة الغالية. وهذا يمنحنا الشرف بحيث يجب أن لا يقتصر إسهامنا على ما نقدمه حالياً للدولة، بل على العمل لإعداد جيل المستقبل حتى يكون من الكفاءة في المشاركة الفاعلة في خدمة هذا الوطن المعطاء.
وما زادني سعادة وأنا أشاهد فرحة شباب الإمارات يهنؤون زملاءهم الخريجين الإماراتيين وهم يحملون أعلام وشعارات دولتنا الغالية فوق ملابس تخرجهم يلقون القصائد الوطنية حباً في تراب الإمارات وقيادتها معاهدين أنفسهم في خدمة دولتنا التي لم تتوان في إرسالهم من خلال البعثات الخارجية للتزود بالعلم والمعرفة ليكونوا خير سفراء لهذا الوطن وقيادته.
فاليوم هم طلاب هذا الوطن وغداً قادته وفخره وهمته. فرغم الغربة والوحدة والصعوبات التي يواجهها طلابنا المبتعثين والبعد عن الوطن والأهل والأحباب، إلا أن ذلك لم يمنعهم ليس فقط من التزود بالعلم والمعرفة، بل المنافسة في الحصول على أفضل الدرجات والمراكز العلمية.
ناهيكم عن الفوائد المكتسبة للطالب المغترب كالاعتماد على النفس والنجاح في اتخاذ القرارات المناسبة العلمية والاجتماعية مما يساعد في خلق شخصية قيادية قادرة ليس فقط على الإنجاز بل الإبداع، وبالتالي تحقيق الحلم والدور المترتب عليه تجاه وطنه وأهله ومجتمعه.
وما لفت انتباهي في حفل التخرج حصول طالبة أميركية، يقارب عمرها من الخمسة والستين عاماً، على شهادة البكالوريوس ضاربةً بذلك خير مثال على الإصرار والمثابرة في أهمية تكملة التعليم والتزود بالمعرفة، حيث لم يكن هناك مستحيل في قاموس هذه الطالبة.
وهذا ليس بغريب فلازلت أتذكر في حفل تخرج زوجتي حصول طالبة أميركية أيضاً على شهادة البكالوريوس عندما كان عمرها آنداك سبعين عاماً.
أتمنى أن يكون إصرار هؤلاء على التعلم وحصولهم على الشهادات الجامعية دليلا قويا بأن ليس هناك حاجز عمري للاستمرار في التعلم، بل يجب أن يكون ذلك دافعاً لمن يعتقدون بأن قطار التعليم فاتهم.
عليهم أن يلتحقوا بالجامعات والكليات والمعاهد وبالتالي المشاركة الأفضل والأكبر المنتظرة منهم في خدمة هذا الوطن ورد الجميل له بأفضل إمكانية وطريقة. فالحمد لله توجد لدينا العديد من الجامعات التي تمنح الفرص المختلفة للالتحاق بها وتقديم فصول دراسية صباحية ومسائية مرنة.
كما أن أثناء رجوعي للدولة على إحدى ناقلاتنا الوطنية وبينما كنت جالساً على مقعدي وقبل إقلاع الطائرة بدقائق إذ أرى أحد شباب هذا الوطن الذي فعلاً يستحق الوقوف له احتراما وتقديراً، جالساً على كرسي الاحتياجات الخاصة ثم بدأ يهم بدخول الطائرة بصعوبة وهو متكئ ومعتمد على مساعدة أحد أفراد طاقم الطائرة. وأثناء حديثي معه اتضح لي إنه راجع للدولة لتمضية إجازة الصيف مع أسرته.
فرغم كبر عمره كما يتوقع هو مع أنه في متوسط العشرينات، إلا أنه يدرس إدارة أعمال في السنة الأولى في إحدى الجامعات الأميركية. هذا فعلاً ما لفت انتباهي على إصراره على تكملة تعليمه رغم إعاقته التي لم تمنعه من أداء الصلاة أثناء الرحلة. نعم الشاب هذا الذي نفتخر بعزيمته في التزود بالعلم والمعرفة في خدمة وطنه ومجتمعه فهنياً له تعليمه وشهادته إن شاء الله.
هذه أمثلة سريعة أحببت مشاركة القراء بها رغبة في التوضيح بأن ليس هناك خط نهاية للتعليم وليس هناك مستحيل في التعليم وليست هناك إعاقة قد تمنع التعليم وقد تقف عائقاً أمامه. ما يجب أن ندركه بأن التعليم وخاصة خارج الدولة له فوائده الكثيرة والمتعددة التي تصنع في النهاية قادة المستقبل الذين لن يتوانوا في المساهمة في المسيرة والنهضة المعاصرة والمستقبلية وبالتالي الفخر في خدمة الوطن الذي يصب في نمو وتطور اقتصاد الوطن ورقيه.