ماذا بعد 2 يوليو؟

يترقب الشارع الإماراتي على أحر من الجمر تاريخ 2 يوليو، وهو التاريخ الذي سيقول فيه القضاء كلمته الفصل في قضية التنظيم السري الذي أشغل الشارع الإماراتي طوال الفترة الماضية، التنظيم السري التابع لـ"تنظيم الإخوان المسلمين" الذي تتهمه السلطات في الإمارات بـتأسيس وإنشاء وإدارة تنظيم سري يهدف إلى تقويض النظام، والاستيلاء على الحكم في الدولة، حيث يمثل أمام القضاء 94 متهماً بالانتماء إلى هذا التنظيم.

عند إحالة القضية للمحكمة، طلبت النيابة العامة (نيابة أمن الدولة) تطبيق المادة 180 الفقرة (أ) والمادتين 117 و118 من قانون العقوبات.

والعقوبة المقررة في هذه المواد هي السجن المؤقت، بمعنى أن العقوبة تكون بين 3 سنوات إلى 15 سنة، ولم تطلب النيابة العامة الأخذ بأي مواد من قانون العقوبات يُطبّق فيها الإعدام ولا المؤبد، ولا تستطيع المحكمة تجاوز هذه المواد.

أنا على يقين من أن هناك العشرات من المنظمات الدولية والأشخاص "الحقوقيين"، ينتظرون على أحر من الجمر نطق القاضي فلاح الهاجري بالحكم المرتقب، حتى أنهم ينتظرون هذا الحكم أكثر مما ينتظره أعضاء التنظيم وأهاليهم والشارع الإماراتي.

وقد علمت من مصادر خاصة أن بعض المنظمات انتهت من مسودة البيان الذي سيستنكر الحكم على أعضاء التنظيم قبل النطق بالحكم، فقط ينتظرون يوم 2 يوليو وبعدها سينشرون هذه البيانات بشكل كبير ومستفز.

الجهات العاملة والمشرفة على قضية التنظيم السري للإخوان، سعت خلال مجريات القضية إلى تقديم أفضل السبل لحفظ حقوق وكرامة المتهمين، وذلك وفقا لما ذكره ممثل جمعية حقوق الإنسان في إحدى الجلسات الجانبية في مبنى الأمم المتحدة في شهر يناير 2013، وأضاف أن الجهات القضائية وضعت عددا من المتهمين في فلل خاصة، أي في غير المكان المخصص لأي متهم.. وهنا مربط الفرس، حيث يمكن لأي مترقب للأخطاء أن يفسر ما ذكره ممثل جمعية حقوق الإنسان على أنها معتقلات سرية، ويمكن للمواطن الإماراتي أن يفهم من ذلك أن الحكومة أعطت المتهمين معاملة خاصة احتراما لهم... ولكن السؤال الأهم: هل المجتمع الدولي يستطيع استيعاب ذلك؟

وهل هناك من رواج لذلك العمل في المجتمع الدولي؟! في اعتقادي أن الخطر القادم على الدولة لن يكون خطراً على شكل أشخاص ولا تنظيمات سرية، بل سيكون عبارة عن تقارير مغلوطة عن واقع حقوق الإنسان في الإمارات بشكل عام، سواء حقوق العمال (وهو الملف الأخطر) أو حقوق المرأة والطفل وغيرها.. وهذا ما روجت له منظمات دولية تعمل في مجال حقوق الإنسان، خلال الاجتماع الدوري لمناقشة حقوق الإنسان في الإمارات، فكان أغلب تركيزهم على قضية التنظيم السري، وحقوق العمّال الذي أسمتهم بـ"العمال المهاجرين"، وكذلك حقوق المرأة.

والسؤال الأهم الآن: ماذا بعد 2 يوليو المرتقب؟ ماذا بعد أن ينطق القاضي بالحكم المنتظر؟ لا تتوقعوا أن نرى أو نسمع أو نقرأ مباركة من المنظمات الدولية، ولا حتى ترحيبا بالحكم، فمبدأ مثل هذه المنظمات هو الاستنكار حتى وإن كان على لا شيء!

ونحن كإماراتيين نثق ثقة تامة بالقضاء الإماراتي المستقل، الذي أثبت شفافيته على مدى السنوات، ونجح في تقديم أنموذج ناصع لترسيخ سيادة القانون وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات، وساهم في تعزيز أمن المجتمع وسلامته، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لأبناء الدولة، وإرساء مبادئ المسؤولية والشفافية والكفاءة في مختلف أجهزة الدولة، فأصبحت دولة الإمارات اليوم تتصدر قائمة الدول العربية الأكثر شفافية في نظامها القضائي، وهذاما لمسناه من خلال سلسلة الجلسات المتتالية لأعضاء "التنظيم السري"، بل إن القاضي في مرات عدة وقف في صف المتهمين وعنّف الصحافة وأعطى المجال، بل أكثر لأغلب المتهمين للتحدث والترافع.

 على الإماراتيين أن يعوا أن القضاء الإماراتي سيحكم بالعدل، ولن يتوانى عن تطبيق القانون مهما كانت التداعيات، ولن يترك لأحد فرصة أن يلمز بمصداقيتهم، وهذا ما عهدناه منه.

إن الخطر القادم هو ما يقوم به بعض المنظمات المشبوهة من محاولة تلويث سمعة الدولة في المحافل الدولية، وخاصة في أوروبا، من خلال نشر تقارير ملفقة عن واقع حقوق الإنسان في الدولة.

فمن قرأ، على سبيل المثال، التقرير السنوي الذي نشرته الخارجية الأمريكية عن واقع حقوق الإنسان في الإمارات، يرى حجم المغالطات الكبيرة في التقرير، وافتقاره إلى أقل درجات الحيادية والشفافية.

ففي إحدى فقراته أشار التقرير إلى أن حقوق الأطفال منتهكة بسبب استخدامهم في سباقات الهجن! وهذا محض افتراء، فقد تمت الاستعانة بأجهزة آلية عوضاً عن الأطفال، وطبق هذا الأمر منذ أكثر من 6 سنوات! وذكر التقرير أمورا كثيرة مغلوطة ليس هنا مجال ذكرها، لكني أردت أن أوضح أن أغلب التقارير التي تهاجم الدولة تفتقد الشفافية والحيادية.

أخيراً، أتمنى من الجهات المعنية أن تروّج لقوانين حقوق الإنسان المعمول بها في الدولة، وأن تنشر هذه الثقافة بين العاملين والطلبة، وأن تقوم بإبراز جهود الدولة في مجال حقوق الإنسان والقضايا الكثيرة التي تبنتها الدولة في هذا المجال، والترويج لها إعلاميا، وعمل تقارير وبرامج وثائقية عن واقع حقوق العمال، وعن المكانة التي وصلت لها المرأة، وواقع الصحة والطفل.. لكي يرى العالم أن الإنسان قبل المكان في دولة الإمارات العربية المتحدة.