ما لم يتعلمه «الإخوان» أو الأميركان

بثورة الثلاثين من يونيو الشعبية التي صنعت مشهدا تاريخيا من أعظم المشاهد في تاريخ العالم، فرض الشعب المصري العظيم إرادته بدعم قواته المسلحة، فأكد سيادته واستعاد مصريته وعروبته وإسلاميته الحقيقية، من قوى الظلام باسم الدين، ومن شهود الزور الذين ركبوا موجة يناير الثورية الأولى، وحاولوا طمس هويته وتزييف إرادته والانحراف بها، للعودة إلى الوراء، بل إلى المجهول، ويحاولون اليوم يائسين بالإرهاب إجهاض موجة يونيو الثورية الثانية!

ومنذ الثالث من يوليو 2013 يوم انتصار ثورته الشعبية، التي أيدها الجيش المصري العظيم انطلاقا من دوره الوطني التاريخي الذي ينحاز دوما إلى الإرادة الغلابة للشعب باعتبارها الشرعية الحقيقية الثورية أو الدستورية، إلى يوم الثالث والعشرين من يوليو ذكرى انتصار ثورته الوطنية الأم عام 1952 التي قام بها الجيش، وأيدها الشعب المصري العظيم باعتباره صانع الثورة الأصلي ولم يكن الجيش إلا أداته الثورية، فلقد كان من بشارات وإشارات النصر والخير أن يوجه الرئيس المستشار عدلي منصور الذي فوضته الثورة لقيادة المرحلة الانتقالية.

خطابه الأول للشعب المصري في الذكرى الحادية والأربعين لانتصار العاشر من رمضان المجيد، محييا الجيش المصري الذي حقق النصر بقيادة أنور السادات، وأن يوجه خطابه الثاني في الذكرى الحادية والستين لثورة يوليو الأم الكبرى، محييا جيش مصر الذي حقق الثورة بقيادة جمال عبد الناصر.

واللافت دوليا، أنه في مواجهة ثورة يوليو وقفت مشاريع أميركا ضدها، بينما دعمت روسيا مسيرتها، وفي حرب رمضان كان الجيش الصهيوني يحاربنا بالسلاح الأميركي، وحقق الجيشان المصري والسوري النصر بالسلاح الروسي..!

وفي ثورة يونيو، كان الشعب والجيش معا في موكب وطني واحد، بينما كان الإخوان والأميركان في خندق واحد.. وسواء في موكب ثورة يوليو التي حررت الوطن والمواطن المصري، أو في موكب انتصار رمضان الذي حرر الأرض والإرادة الوطنية وبوحدة الشعب والجيش في كل المعارك، انتصر الوطن وانتصرت الثورة، باعتبار أن الجيش المصري عبر تاريخه هو جزء من الشعب، بل ملك لهذا الشعب.

والمثير هنا أن الموقف الانتهازي الوصولي لجماعة الإخوان في ثورة يونيو 2013 بدعم أميركي، كان هو نفسه تكرارا فاقد الذكرة لما حدث منهم في ثورة يوليو 1952 بدعم إنجليزي، حينما حاولوا الوصاية على الثورة لكن عبد الناصر أوقفهم، ولما جربوا العنف وفشلوا جربوا محاولة اغتياله، فكان سقوطهم بعد عامين من الثورة..

وها هم يكررون اليوم مع ثورة يناير بغباء نادر ما فشلوا فيه بالأمس، بنفس المقدمات ليصلوا لنفس النتائج، إذ ادعوا أنهم الثورة وأن كل ما عدا الإخوان فلول، لكن الشعب أسقطهم بعد عامين من الثورة أيضا، فجربوا العنف وفشلوا ومحاولات الاغتيال الفاشلة لقادة الجيش، وحتما سيسقطون!

لقد كانت الوحدة التي عبر عنها الشعب المصري، سواء بتأييده للجيش في ثورة يوليو أو بتأييد الجيش للشعب في ثورتي يناير ويونيو، شرط انتصار الشعب في كل معاركه وفي إعلاء إرادته في كل ثوراته، ولهذا كان الطريق الوحيد أمام المتآمرين أعداء الوطن في الخارج بأدواتهم في الداخل لإضعاف الوطن وكسر إرادة الشعب، هو الوقيعة بين الشعب والشرطة، وبين الشعب والجيش!

وكان الهدف الخبيث من تحقيق ضرب الشرطة بالشعب أو العكس، هو انهيار الأمن الداخلي وفتح الأبواب للفوضى الهدامة، ومن ضرب الجيش بالشعب أو العكس، هو انهيار الأمن الوطني طبقاً للمشروع الصهيو أميركي، لفتح الأبواب للتدخل الأجنبي انتقاماً من الجيش الذي انتصر يوماً ما على المستعمرين عام 56.

وعلى القاعدة الاستعمارية الصهيونية عام 73، مثلما فعلوا في ليبيا وسوريا والعراق بدعم حلف الناتو بقيادة أميركا، بأدواتها الدعائية والمالية القطرية وقاعدة الناتو العسكرية التركية، لإشعال نيران الفتن السياسية والطائفية والمذهبية والعرقية!

وعلى العكس من ذلك، ظهر المشهد المصري في أجمل صوره الوطنية والشعبية، حين بلغ ذروة وحدته وثوريته وحضاريته وسلميته مرتين؛ الأولى قبل عامين في 25 يناير حين علا صوت الجماهير المحتشدة بهتاف صادق "الجيش والشعب إيد واحدة"، والثانية في 30 يونيو حين علا هتاف الجماهير "الجيش والشرطة والشعب إيد واحدة"، بعد أن وحد غباء النظام الساقط الجميع لمواجهة فشله وعناده، ووفاء لموقف قيادة جيش الشعب وشرطة الشعب في حماية ثورة الشعب..

وبداية من ثورة عرابي التي قام بها الجيش وأيدها الشعب ضد الخديوي والإنجليز، ومرورا بثورة الشعب عام 1919 ضد الاحتلال الإنجليزي، وبثورة الجيش التحررية الوطنية التي أيدها الشعب في يوليو عام 1952، وثورة الشعب التي حماها الجيش في يناير عام 2011، ونهاية بالثورة الشعبية الملايينية التي ساندها الجيش معبراً عن إرادة الشعب، كثيرا ما ثار الجدال حول سؤالين، الأول هو: هل كانت ثورة شعبية أم انقلابا عسكريا؟ والثاني، وهو الأهم، كان سؤال الشرعية الثورية والدستورية؟

وهنا نذكر أن الثورة الحقيقية هي عمل انقلابي لتغيير النظام المستبد، إما بأداة مدنية من داخل النظام أو بأداة عسكرية من الجيش، لكن أيا منهما هنا ليس هو صانع الثورة، بل فقط أداة شعبية لها لتحقيق أهداف الشعب بعد انسداد القنوات الدستورية الطبيعية التشريعية والتنفيذية أمام مطالبه المشروعة. وباعتبار أن الشعب هو مصدر الشرعية، فإن الاستجابة للإرادة الشعبية بوسائل مدنية أو عسكرية، ثورة كانت أم انقلابا، فهي عملية قيصرية لميلاد جديد وشرعية وديمقراطية بغير جدال.

وهنا نذكر أن الثورة تكتسب شرعيتها بشروط ثلاثة، أولها شعبيتها، وثانيها وطنيتها، وثالثها سلميتها.. وليس هناك في التاريخ مبدأ أو فعل أو فرد كان محل إجماع كل الناس، ولكن تقاس الشعبية وبالتالي المشروعية، بمدى التعبير عن إرادة ومبادئ ومصالح الغالبية الشعبية..

ويكفي أن شعبية ثورة 30 يونيو التي تواجه تمردا بعنف وإرهاب محكوم عليه بالفشل، من جماعة ضد شعب تحت عنوان الشرعية بلاشرعية، والشريعة بلا مصداقية، والديمقراطية بلا أهلية، والسياسة بغير دين، بهدف الكرسي لمرسي أو بغير مرسي..

هي شعبية ملايينية بدت واضحة لكل من له عينان في ما جسدته جماهير الشعب المصري بأبلغ صورة، كأكبر تظاهرة شعبية في التاريخ الإنساني باعتراف وسائل الإعلام العالمية..

فما لكم.. كيف تحكمون؟!

الأكثر مشاركة