هل تلقت جماعة الإخوان المسلمين في مصر عدة ضربات شديدة الوقع الأيام الأخيرة تكاد أن تؤثر في مستقبلها بشكل فاعل للغاية؟

يبدو أن ذلك كذلك، فقد تخلى أوباما رسمياً عن فكرة حدوث انقلاب عسكري في مصر، وضرب صفحاً عن أوهام الجماعة في عودة مرسي إلى الحكم، وثانياً جاءت أحدث تقارير الكونغرس لتؤكد بدورها أن أخطاء مرسي والإخوان هي التي أجبرت الجيش على عزله، وثالثاً إقرار وفد العسكريين الأميركيين الذين زاروا القاهرة أخيراً، بأن ثورة مصر الثانية ثورة شعبية حقيقية، لا انقلاب عسكري، وأن الجيش لا يطمع في الحكم.. هل من تفصيل أو تفكيك لما تقدم؟

البداية كانت من على منصة الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها السادسة والثمانين عندما تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما عن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وكيف أنه جاء إلى الحكم بطريقة ديمقراطية، إلا أنه لم يحكم بالديمقراطية: «مرسي لم يكن راغباً أو قادراً، وعجز عن حكم مصر، وسعى لإقصاء الطرف الآخر».. هل كان هذا اعترافاً لا يقبل الشك من أوباما بفشل الإخوان في الحكم؟

ليس ذلك فحسب، بل إنه قطع الطريق على القول إن ما جرى كان انقلاباً عسكرياً، وذلك عندما أقر بأن الجيش المصري خضع لرغبة الملايين من الشعب التي خرجت رافضة لحكم الإخوان.

الصفعة الثانية التي تلقتها الجماعة في مصر تمثلت في التقرير الذي صدر عن الكونغرس الشهر الماضي وأعده جيريمي شارب، من إدارة الأبحاث بالكونغرس وفيه تحليل شاف وافٍ لحكم الإخوان ومرسي، وكيف أنهم هم الذين قادوا 80% من المصريين للقول إن أحوال البلاد في زمن الرئيس الأسبق حسني مبارك كانت أفضل من حكم مرسي، والأسباب التي يوردها التقرير تبدو كحيثيات عزل مرسي شعبوياً ونخبوياً.

يشير التقرير إلى أن الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في نوفمبر 2012 كان بمثابة النهاية الفعلية لحكمه، لأنه جعل نفسه فوق المساءلة القانونية والقضائية.

يتوقف التقرير مع إشكالية المعونات العسكرية الأميركية ويستعين كاتبه بآراء رجالات القوات المسلحة الأميركية، والذين لهم سابق علاقة بالمؤسسة العسكرية المصرية من أمثال الجنرال جيمس ماتيس، قائد الجيش الأميركي السابق في منطقة الشرق الأوسط، والذي يقول «هناك حاجة إلى المصريين من أجل قناة السويس ومعاهدة السلام مع إسرائيل، ونحن في حاجة إليهم أكثر مما هم في حاجة إلينا من أجل العبور الجوي لطائراتنا العسكرية، وكذلك لمواصلة حربنا ضد المتطرفين الذين يمثلون تهديداً للديمقراطية الوليدة في مصر، بقدر ما هم خطر على المصالح الأميركية».

ولعل المثير أن رأي الجنرال ماتيس يمثل فريقاً ضارب القوة في وزارة الدفاع الأميركية ويميل إليه وزير الدفاع هاغل نفسه، ويطالب هذا الفريق بدعم الجيش في صراعه ضد الجماعة ومساعدة الحكومة المؤقتة بكل السبل وإن كان يميل إلى محاولة إقناعها وليس الضغط عليها بإدماج الإخوان.

المشهد الثالث وربما ليس الأخير في سلسلة الانتكاسات التي تعرض لها الإخوان تمثل في الاستحقاقات السياسية والتقديرات الأدبية للمواقف المصرية والتي نتجت عن زيارة وفد من العسكريين الأميركيين للقاهرة وقد كانوا مزيجاً من رجالات القوات الجوية الأميركية مثل الكولونيل السابق ريك فرانكونا، والكولونيل كين أليرد المحلل العسكري لقنوات NBC وCNBC والبروفيسور سيبستيان جوركا خبير الإرهاب الدولي وأحد محللي شبكة فوكس نيوز، والجنرال باول فاليلي.. ما الذي خلص إليه هؤلاء في نهاية زيارتهم لمصر؟

اكتشاف حالة الحنق والغضب المصرية الشعبية من موقف إدارة أوباما الداعمة للإرهاب، رغم أن الشعب المصري يحب الشعب الأميركي ولا يحمل له أية ضغائن. وقد خرجوا باستنتاج لا غبار عليه: «مصر دولة فائقة الأهمية وخسارتنا لمصر تعني خسارة مصالحنا في المنطقة كلها، وعلينا النظر إلى خريطة الشرق الأوسط على اعتبار أن مصر هي القوة الكبرى فيها».

هل من يدافع عن الإخوان في أميركا حتى الساعة؟

الجواب يحمل إثارة شديدة، نعم هناك أبواق متصلة بإسرائيل مباشرة مثل إريك تراجر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الذي يصر على أن ما جرى انقلاب، والذي يحاول رسم خطوات للإخوان للتحرك قدماً بعد الحظر الحكومي عليهم ومصادرة ممتلكاتهم وأموالهم.

والأكثر إثارة أن أصوات هؤلاء في أميركا تتفق مع أصوات شبيهة بل مطابقة في إسرائيل، تذهب إلى أنه لا ديمقراطية في مصر، والعهدة على افتتاحية صحيفة «إسرائيل اليوم» نهار 24 سبتمبر الماضي.

هل تمثل هذه الأصوات صفعة رابعة للإخوان؟

بل أقوى من ذلك، لأنها تميط اللثام عن الحبل السري الذي يربط الإخوان في مصر والعالم بالقوى الصهيونية الخفية، والتي توجه الجماعة لخدمة مصالحها.

ما هو مستقبل الإخوان في مصر؟

الجماعة أمام انسداد تاريخي ثالث وقد يكون أخيراً بالمطلق، حال سعت إلى صدام دموي جديد تخطط له بليل بهيم، والليالي حبلى بالمفاجآت.