مصر اليوم.. صورة من بعيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد الإعلان عن موعد الاستفتاء على دستور ما بعد ثورة 30 يونيو الشعبية، في الخامس عشر من يناير المقبل، يمكن تلخيص المشهد المصري الراهن في عشرة مشاهد..

الأول: أن الإرادة الشعبية الملايينية لغالبية الشعب المصري، التي عبرت عن نفسها بالثورة ضد الحكم الإخواني البائس في يوم 30 يونيو الماضي، ما زالت تتقدم إلى الأمام بجدية وثقة، طبقاً لخريطة المستقبل التي أعلنها القائد العام للجيش المصري باسم القوى السياسية والشعبية، والتي عبرت عن نفسها في بنود استمارة حملة "تمرد"، رغم كل محاولات الخارج.

الثاني: أن إنجاز الوثيقة الدستورية الجديدة بتوافق وطني وسياسي غلاب، رغم محاولات التشويش والتيئيس والإرهاب المادي والفكري من جماعة الطابور الثالث الانتهازي والرابع الإخواني والخامس الأميركاني، والإعلان عن موعد الاستفتاء عليه في بيان رئيس الجمهورية المؤقت، أصاب كل هذه الطوابير الفاشلة بالهستيريا، ما دفعهم إلى العنف اليائس!

الثالث: أن ما يجري حالياً من محاولات العبث الصبياني الزاعق في بعض الساحات الجامعية، والعبث السياسي المراهق في بعض الساحات الحزبية، والذي لا يملك وسيلة إلا العنف والإشاعات ومحاولة تعطيل مصالح الناس العادية، بالخروج على القانون لوقف زحف الإرادة الشعبية لبلوغ أهدافها الوطنية، ليس سوى محاولات محكوم عليها بالفشل شعبياً، وبالقانون قضائياً.

الرابع: أن ما نراه من مشاهد الإرهاب والقتل، سواء من قوى الإرهاب التقليدية بتنسيق وتحريض الإخوان الذين يشكلون معاً الطابور الرابع، ومن مشاهد العنف والتخريب سواء من الطابور الثالث والخامس من اللا اشتراكيين واللا ثوريين، ومن حركات تشكل أدوات لمشروعات خارجية من المراهقين الثوروويين والتي تناهض الجيش والشرطة، أصبحت في موقع المواجهة مع غالبية الشعب والقانون، وليس فقط مع الجيش والشرطة.

الخامس: أن هذا العنف البائس وهذا الشغب اليائس، بما فيه من جرائم القتل البشعة لمواطنين عاديين، على أيدي جماعات الإخوان وحلفائهم الإرهابيين، بهدف إرهاب الناس من الذهاب إلى الاستفتاء، هو أوضح اعتراف علني بأنهم مجرمون عاديون وليسوا أصحاب قضية سياسية، وأنهم لا علاقة لهم بالدين أو الوطنية أو الثورة.

السادس: أن غالبية القوى السياسية المصرية وغالبية القوى الشعبية، هي مع خارطة المستقبل، طبقاً لتصريحات الأحزاب ولاستطلاعات الرأي العام، بدعم الجيش والشرطة. وعليه فإن إعلان الجماعة الإخوانية مقاطعة الاستفتاء، أو إعلان حزب الخلية الإخوانية النائمة المكشوف للناس والمدعوم أميركياً كبديل عن حزب الإخوان الساقط، عن المشاركة في الاستفتاء والتصويت بالرفض، سوف يكشف الحجم الحقيقي لهذه القوى المعادية للإرادة الشعبية.

السابع: أن الحديث الدائر الآن في الأوساط الشعبية والسياسية المؤيدة لخارطة المستقبل، يركز في أولويات عدة أولها، ضرورة كثافة المشاركة الشعبية بأكبر نسبة، وهذا يعكس الثقة في النتائج الإيجابية للتصويت مع الدستور، ويؤكد أن الضجيج والصخب لكل الطوابير اليائسة، ما هو إلا ظاهرة صوتية مريضة، وليست ظاهرة سياسية أو شعبية، ولا ترتبط بالوطن بقدر ما هي مربوطة ومورطة خارج الوطن!

الثامن: الدليل على ذلك هو ما يبدو من تجاوز الاهتمام نسبياً بالاستفتاء، وارتفاع نسبة الحديث عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة بعد الاستفتاء على الدستور، وهناك من يرى أهمية تقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية، وهناك من يرى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معاً، بما لا يعني أن هناك مؤيدين كثراً للاستمرار بترتيب خطوات خارطة المستقبل البرلمانية والرئاسة نفسه أخيراً، وما زال النقاش مستمراً.

التاسع: بشأن الانتخابات البرلمانية، فالأمر أمام الرئاسة المصرية لاختيار واحد من البدائل الثلاثة التي أحالتها لجنة الخمسين الدستورية، إما انتخابات بالنظام الفردي وهو الأقرب إلى الغالبية الشعبية، وإما انتخابات بنظام القائمة السياسية وهذا له وعليه من الإيجابيات والسلبيات، وإما الجمع بين النظام الفردي والقائمة، وهو لن يسلم من المطاعن والملاحظات الدستورية مستقبلاً. العاشر: بشأن الانتخابات الرئاسية.

. فمع أن الترشح للرئاسة حق لكل مواطن تنطبق عليه الشروط القانونية، إلا أن الشروط الواقعية يبقى لها الصوت الأعلى، خصوصاً بالنظر إلى الظروف الخاصة الخارجية والداخلية التي تواجهها مصر الوطن ومصر الشعب ومصر الثورة...

حيث يبدو أن الصوت الشعبي والسياسي الغلاب يرى في الفريق عبدالفتاح السيسي، القائد العام لجيش الشعب وصاحب الدور الحاسم في ثورة يونيو الشعبية، المرشح الأكثر قبولاً وثقة واقتداراً لدى غالبية الشعب المصري، ولو كره المتآمرون في الخارج وأدواتهم في الداخل.

ومع كل ذلك، يبدو أن جراب الحواة في الداخل والخارج لا يخلو من الألاعيب المشروعة وغير المشروعة والإرهابية والإجرامية، في محاولاتهم البائسة واليائسة لإجهاض الإرادة الشعبية الديمقراطية المصرية، التي تستهدف الوحدة والاستقرار والتنمية والعدالة.

ومع كل ذلك، فإن الديمقراطية الحقيقية تعني ببساطة سلطة غالبية الشعب، وتحكيم الشعب في وضع القيم الأساسية للوطن، وحقه في صياغة الدساتير والقوانين وانتخاب رؤسائه ونوابه، وفقاً لمشيئته هو وليس لمشيئة من يقفون ضد تنفيذ إرادته بالعنف، وليس بالقانون.. وستبقى إرادة الشعب هي الغالبة لأنها جزء من إرادة الله.

 

Email