الخروج الشعبي المصري الثالث

في ظل شعور شعبي وطني مصري جارف، بأن المشاركة في الاستفتاء على الدستور كانت هذه المرة تكتسب طعما ولونا ورائحة تختلف عن كل مرة سبقت، خصوصا في تلك الأيام الحاسمة بين إرادتين، إرادة الشعب الشرعية وإرادة أعداء الشعب الإرهابية، في لحظة تاريخية وطنية فاصلة بين خيار العودة للظلام أو التقدم للأمام ، وبين أن نكون أو لا نكون.

خرجت جماهير الشعب المصري تعلي إرادتها الحرة في تحد واضح لأدوات مؤامرة لا تريد لمصر ولا للمصريين خيرا، بينما كان العالم، الصديق فيه والعدو، يركز عيونه عليه وهو يضع الأساس لبناء مصر الجديدة ويخطو أولى خطواته في الطريق إلى المستقبل، ويرقب كلُ بمنظاره مجريات ما بعد الاستفتاء الشعبي على الدستور المعبر عن مطالبه الشعبية، التي رفعها بتصميم وإرادة في ثورتي 25 يناير، و30 يونيو.

وبينما كان الأشقاء العرب هنا في الإمارات وفي الخليج العربي يرقبون الشعب المصري وهو يكتب تاريخه المجيد، ويعيد بناء مؤسسات دولته العتيدة، ويعيد صناعة الحياة على أرضه من جديد، على قواعد جديدة من الإرادة الوطنية والحرية السياسية والعدالة الاحتماعية والكرامة الإنسانية، فلقد كانوا يتطلعون بأمل كبير إلى خروج الشعب بالملايين للمرة الثالثة حماية لمبادئه الوطنية ولأهدافه المشروعة رغم تهديدات المتآمرين والإرهابيين.

وبينما كان أعداء الإرادة الشعبية المصرية من المتاجرين بالثورة أو بالدين على حساب الوطن والشعب والدين والثورة، من الخوارج والإرهابيين، والمراهقين الثوريين، والتائهين، الذين ضاعت بوصلتهم الوطنية في الشوارع الحزبية والمذهبية والمنظمات الأجنبية، غارقين في أحلامهم السوداء المريضة، وواهمين بقدرة إرهابهم الأسود على التصدي للطوفان الشعبي المصري، خرج الشعب المصري للمرة الثالثة ليحمي ثورته ويعلي إرادته في مصر، وبشر بهذا ما لاح للأشقاء والأصدقاء والأعداء على السواء، مع موجات المواطنين المصريين هنا في الإمارات باتجاه السفارة المصرية في أبوظبي والقنصلية المصرية في دبي للمشاركة في الاستفتاء على الدستور..

وللإسهام بإيجابية في وضع حجر الأساس لبناء المستقبل. لقد خرج المصريون في مصر وفي الإمارات كما خرج المصريون في كل دولة خارج الوطن الأم، بعزيمتهم المصممة على السير إلى الأمام باعتبارهم الحماة لإرادتهم، والأمناء على مسؤوليتهم، والمدافعين عن أهداف ثورتهم، والأوفياء لآمال شعبهم ووطنهم..

لقد كانوا على موعدهم مع إعلاء كلمتهم في الاستفتاء على مشروع الدستور، باعتبار أن المشاركة حق وواجب. والمشاركة في وضع حجر الأساس للمستقبل شرف كبير. وعندما نحيي الخروج الشعبي المصري الملاييني الثالث رغم الإرهاب اليائس.

نتذكر ونذكر أن الخروج الملاييني الأول إلى الميادين المصرية كالطوفان بكل تلك الجماهير الحاشدة يومي 25 يناير و30 يونيو في أصدق وأكبر ثورة شعبية مصرية، لم يكن إلا دعوة إلى تعديل الدستور ليعبر عن إرادة الشعب لا عن إرادة الجماعة الإخوانية.

ودعوة لكل المبادئ الشعبية التي تضمنتها الوثيقة الدستورية، وهي الاستقلال الوطني والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والحرية السياسية والكرامة الإنسانية. وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أو الاستفتاء على شعبية وشرعية الحكم الإخواني الغاشم والغشيم. وذلك بعد أن اكتشف بنفسه هول الكارثة التي كادت تودي بالوطن إلى المجهول، بسبب الخداع والغفلة في التصويت بالانتخابات الرئاسية عن مخاطر تولي جماعة تنتمي إلى الماضي حكم شعب يتطلع إلى المستقبل.

ولم يكن الخروج الملاييني الهادر يوم 30 يونيو في أكبر تظاهرة احتجاجية بشرية شهدها العالم، إلا للمطالبة بانتخاب رئيس جديد يعبر عن إرادة الشعب المصري، لا عن إرادة النخبة السياسية والمراهقين الثوريين المخادعين والمخدوعين الذين تحالفوا مع الإخوان الكاذبين بعد أن أسقطت الجماعة الإخوانية نفسها بنفسها قبل مرور عام واحد على صعودها، نتيجة جهلها وفشلها وكذبها وكشفها لوجهها الإرهابي قبل أيام من الثورة.

ولم يتحقق للشعب المصري القيام بأهم ثورتين شعبيتين في التاريخ المصري، ولا بإعلان سقوط الرئاسة الاخوانية الغشيمة طبقا للشرعية الشعبية، إلا باستجابة قيادة الجيش الوطني لإرادة الشعب وفاء لدوره التاريخي وقياما بواجبه الوطني والدستوري، وإلا بدعم رجال الجيش المصري الأمين ورجال الشرطة الوطنية الشجاعة.

لقد كان الخروج الشعبي الأول يوم الثلاثين من يونيو، والثاني المبهر في السادس والعشرين من يوليو دعما لقرارات الثالث من يوليو ببيان القائد العام للقوات المسلحة الوطنية، وللإعلان التاريخي بتفويض الفريق أول عبد الفتاح السيسي لمحاربة الإرهاب المعادي للشعب وللوطن وللثورة، المتخفي وراء عناوين دينية وثوروية وديمقراطية في موعده مع القدر.

وبكل تلك الملايين الجماهيرية الحاشدة كالطوفان التي فاقت الثلاثين مليونا، في أضخم تظاهرة بشرية في التاريخ الانساني، قام الشعب المصري يحماية الجيش المصري وعلى مشهد من الدنيا كلها بأول وأعظم استفتاء شعبي ميداني على الهواء على سقوط المشروعية عن الرئاسة الإخوانية الغاشمة. وإعلان الإرادة الشرعية للشعب المصري.

 

الأكثر مشاركة