رسائل عربية لمن يهمه الأمر

صدرت أكثر من رسالة مصرية وخليجية وعربية على مدار الأسبوع الماضي، في شكل إنذار لكل من يهمه الأمر في مواجهة الإرهاب المتخفي وراء عباءة الإسلام الذي هو بريء من كل الإرهابيين، سواء في مراكز التوجيه الدولية أو الإقليمية، أو مصادر الفتاوى التكفيرية والتحريضية في عدد من القنوات الفضائية، ولكل من يقفون وراءهم بالغطاء السياسي والتحريض الجاهلي وبالفكر المنحرف والتسليح المجرم والمال الحرام!

ففيما تتواصل علاقات التعاون والتكامل السياسي والاقتصادي والعسكري بين البلدين العربيين الشقيقين مصر والإمارات، بما يحقق الأمن المشترك ضد شرور الجماعات الإرهابية التكفيرية، وضد كل ما يحيط بالعرب من مخاطر إقليمية أو دولية، تستهدف إغراق المنطقة في الفوضي الهدامة وفي سيناريوهات الانقسام أو التقسيم وضرب واقع الوحدة العربية بين الشعوب، بالحروب الدعائية والفتاوى الدموية...

وبالفتن المذهبية والطائفية والعرقية والمناطقية.. وبينما تجري المناورات العسكرية البحرية والجوية المشتركة بين الجيشين الشقيقين الإماراتي والمصري في الخليج العربي، تتويجاً لنمو هذه العلاقات الأخوية بين الشعبين التي أرساها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأوصى بها أبناءه.. وبعد المناورات العسكرية البحرية والجوية المصرية السعودية المشتركة في البحر الأحمر، تأكيداً على اتجاه البلدين الشقيقين نحو التكامل في العلاقات .

وفي الوقت الذي تتواصل فيه علاقات الدعم المتبادل والتكامل المصري الخليجي، انطلاقاً من حقائق التاريخ والجغرافيا ومن مبادئ العروبة والإسلام، التي تجلت في الدعم الخليجي لمصر من أجل تجاوز التحديات الاقتصادية التي تواجهها، وفاء عربياً أصيلاً لما قدمته مصر عبر التاريخ دعماً لأشقائها العرب والمسلمين، ولما خاضت من حروب دفاعاً عن أمنها الوطني والأمن القومي العربي، وقدمت التضحيات من أجل تحقيق الاستقلال وبناء التنمية في كل بلد عربي.

بالتزامن مع ذلك كله، وفي رسالة واضحة لكل من يهمه الأمر إقليمياً ودولياً، بأن العلاقات المصرية الخليجية عموماً والمصرية الإماراتية والسعودية خصوصاً، تسعى لتكون قاعدة استراتيجية للأمن القومي العربي، انطلاقاً من أن مصر قلب العروبة والإسلام وركيزة الأمن العربي والإسلامي، فإذا قويت مصر كانت قوة لأمتيها، وإذا ضعفت مصر ضعف العرب والمسلمون.. جاءت هذه الرسائل في مشاهد متعددة.

آخر المشاهد، هي الرسائل العربية الصادرة عن اجتماع وزراء العدل والداخلية العرب على مدى اليومين الماضيين، تأكيداً لقرارات وزراء الخارجية العرب أوائل الأسبوع الماضي في القاهرة، وذلك لدراسة الرؤية المصرية لتفعيل اتفاقيات الاستراتيجية العربية للقضاء على الإرهاب، بكشف القوى الخارجية الداعمة له، ومحاصرة أسبابه وتجفيف منابعه بقانون القوة وقوة القانون..

وهو ما سبقته الإدانة القوية بقرارات الجامعة العربية للإرهاب التكفيري المختلط بالإرهاب التدميري الصهيوني، تحت عنوان «الإرهاب الدولي وسبل مكافحته»، مرحبة بصدور القرارات السعودية والأحكام القضائية المصرية بتجريم الإرهاب باسم الدين، واعتبار جماعات «القاعدة» و«الإخوان» و«النصرة» و«داعش» جماعات إرهابية، مع التأكيد على رفض الخلط بين الإرهاب الذي لا هوية له ولا دين، وبين الدين الإسلامي الذي يدعو إلى إعلاء قيم التسامح والسلام ونبذ الإرهاب والتطرف.

وقد سبق قرارات الجامعة العربية الموقف الخليجي بسحب سفراء كل من السعودية والإمارات والبحرين من دولة قطر، بما يشبه الإنذار لكل الداعمين للمنظمات التكفيرية الإرهابية، عربياً وإقليمياً ودولياً.

مع ما سبق ذلك كله من رسائل مصرية شعبية بثورة الشعب على الحكم الإخواني، وعسكرية بدعم الجيش لإرادة الشعب والبدء بتصفية الإرهابيين في سيناء بتفويض شعبي للجيش المصري غير مسبوق، وأمنية بنجاح الشرطة المصرية في القبض على الجماعات والخلايا الإرهابية والإجرامية المرتبطة بالخارج، تحت كل الأسماء..

وسياسية بإعلان الحكومة المصرية تنظيم «الإخوان» جماعة إرهابية، وقضائية بتجريم تلك الجماعة باعتبارها جماعة إرهابية، وحظر نشاطها ومصادرة مقراتها وأموالها، بما أدى لانحسار الإرهاب ومشاغبات الإخوان!

وبالتوازي مع كل تلك الرسائل، يتراجع الدور التركي الداعم لهذه الجماعات بانقلاب السحر على الساحر في أنقرة، على خلفية فضائح الفساد الحكومية وما ترتب عنها من أزمة سياسية واقتصادية ومظاهرات شعبية، وأحكام قضائية بالبراءة وبالإفراج عن قيادات الجيش التركي التي اتهمها رئيس الحكومة رجب أردوغان بمحاولة الانقلاب...

ومطالبات برلمانية باستقالة الحكومة. وتسبق كل ما تقدم الزيارة المقررة للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية لإصلاح الأخطاء الأميركية، بعدما ناصرت إدارته «جماعة الإخوان» في كل من مصر وسوريا واليمن وليبيا، باسم دعم ما سموه «الربيع العربي»!

ولقد كررنا مراراً أن الإرهاب ليس جهاداً ولا نضالاً ولا ثورية، ذلك أن الإرهاب باسم الدين ليس سوى دعوة شيطانية شريرة في عقول الجهلاء بالدين، وشحن خبيث في قلوب المرضى المتأسلمين، تخلط مفاهيم الجهاد المشروع بالإرهاب غير المشروع، للقضاء على المسلمين المسالمين بأيدي أعوان الشياطين من «المسلمين»، بما يعني حرباً على شريعة الله ورسالة رسوله في ديار العرب والمسلمين..

ويشكل عدواناً آثماً على هذا الدين العظيم الذي يحرم الفتنة ودعاوى الجاهلية بين المسلمين، كما يجرم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وسفك الدماء المسلمة وغير المسلمة البريئة، كما جاء في الحديث النبوي الشريف «لزوال الدنيا أهون عند الله من إراقة دم مسلم بغير حق».

وعلى النقيض من ذلك، ما يحدث من اقتتال طائفي أو مذهبي أو عرقي تسفك فيه دماء الأبرياء، بينما السلام أحب أسماء الله إلى الله، والإسلام تحيته سلام، والجنة دار السلام، وقرآن الإسلام يدعو المؤمنين جميعاً للدخول في السلم كافة بقوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)).. صدق الله العظيم.

 

الأكثر مشاركة